Page 24 - b
P. 24
في الكون بحثًا عن (إله) ،أو بحثًا عن (الإله) كلي القدرة ،يقول في
(الأنعام « :)80 :74إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصنا ًما آله ًة إني
أراك وقومك في ضلا ٍل مبي ٍن ،وكذلك ُن ِري إبراهيم ملكوت السماوات
والأرض وليكون من الموقنين ،فلما جن عليه الليل رأى كوكبًا قال
هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ،فلما رأى القمر باز ًغا قال هذا
ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين،
فلما رأى الشمس بازغ ًة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم
إني بري ٌء مما تشركون ،إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض حني ًفا وما أنا من المشركين ،وحا َّجه قومه قال أتحاجوني
في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئًا
وسع ربي كل شي ٍء عل ًما أفلا تتذكرون».
بداية لم تذكر الآية السبب الذي من أجله أراد إبراهيم إل ًها
يعبده ،بمعنى آخر :ما الذي كان ينقصه وأراد أن يكتمل بوجود إله؟
فالمفهوم في الأديان أن الله خلق البشر ليعبدوهَ « :و َما َخ َل ْق ُت ا ْل ِج َّن
َوا ْلِن َس إِ َّل لِ َي ْع ُب ُدو ِن» (الذاريات ،)56 :فالعبادة بهذا المفهوم إرادة
إلهية وليست إرادة بشرية ،كما أن (الإله) وضع ثوا ًبا عظي ًما (الجنة)
وعقا ًبا عظي ًما (النار) لمن لا يعبده ويعترف بوحدانيته فلا يشرك معه
إل ًها آخر في العبادة.
وإذا تبصرنا القصة الواردة في الآيات المذكورة ،سنجد أنها
تصلح مثا ًل عقليًّا مب َّس ًطا أكثر من كونها واق ًعا ،مثا ًل يوضح –في
العموم -كيف يمكن للإنسان أن يهتدي إلى وجود (إله) خالق كلي
القدرة هو الذي خلق كل شيء وقدره تقدي ًرا ،لكن واقعيًّا يستحيل
للعقل السليم قبول أن إبراهيم نظر إلى النجم فقال هذا (ربي) وهو لا
يتوقع أفوله بالرغم من أنه شاهدة آلاف المرات يبزغ ويأفل قبل ذلك،
وكذلك الحال بالنسبة للقمر والشمس ،المنطق البسيط يقول إن أفولها
جمي ًعا ليست مفاجأة .أي ًضا لا يفوت القارئ (الظاهري ،مثلي) هنا
24