Page 21 - b
P. 21
الفصل الثاني
قصة خلق الكون..
أين كان الله وماذا كان يفعل قبل خلق الأرض
والإنسان؟
في تحديده لمنهج البحث لكتابه «في الشعر الجاهلي» ،الذي صدر
عام ،1926يقول د.طه حسين« :الناس جمي ًعا يعلمون أن القاعدة
الأساسية لهذا المنهج –يقصد منهج الشك الديكارتي -هي أن يتجرد
الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل ،وأن يستقبل موضوع
بحثه خالي الذهن مما قيل فيه ُخلُ ًّوا تا ًّما» ،وأكمل« :يجب حين
نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا وكل
مشخصاتها ،وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به ،وأن ننسى ما
يضاد هذه القومية وما يضاد هذا الدين ،يجب ألا نتقيد بشيء ولا
نذعن لشيء إلا منهج البحث العلمي الصحيح»( .)1هذه القاعدة التي
انطلق منها هي التي أشعلت نار معارضيه ،فض ًل عن خصومات
قديمة بينهم وبينه أثناء دراسته في الأزهر ،دفعتهم إلى تقديم مذكرة
للنائب العام ضده ،فتحول للتحقيق أمام الوكيل محمد نور الذي
حفظ التحقيق بعد أن تراجع طه حسين مؤث ًرا السلامة ..مما نعرف
من وقائع.
معارضو طه حسين حفظوا ما انتقل إليهم من خطابات دينية،
وأخذوا على عاتقهم نقله للأجيال التالية ،كانوا –ولا يزالون -مجرد
وسطاء تمر الخطابات عبر ألسنتهم دون أن يعرضوها على عقولهم،
لكنه أراد أن يتجرد مما يعرف و ُيعمل العقل ويختبر هذه الأخبار
والوقائع ،وتوصل –مبدئيًّا -إلى أن الشعر العربي المنسوب لشعراء
جاهليين ،قبل نزول رسالة الإسلام ،ليس لهم ،ودليله أن هذا الشعر
21