Page 18 - b
P. 18

‫لا يلتقيان ولا رابط بينهما؟ وإذا كان ذلك‪ ،‬فإلى أي مدى يمكن‬
‫أن تصمد تلك المعادلة المختلَّة بعوارها؟ وهل لا يرى الشيوخ تلك‬
‫القطاعات الكبيرة من المسلمين –ومن الديانات الأخرى‪ -‬التي خرجت‬

                             ‫من الدين ولم تعد تصدق خطاباته؟‬
‫صحيح أن الباقين المقتنعين بالخطاب الديني أكثر من الخارجين‪،‬‬
‫لكن هذا بمقاييس الآن‪ ،‬التي يمكن أن تتغير في المستقبل‪ ،‬القريب أو‬
‫البعيد‪ ،‬والصحيح –كذلك‪ -‬أن نسبة هائلة من الباقين تتلقى الدين‬
‫بكسل كما أسلفت‪ ،‬دون تدبر ودون أن يعرضوا عليه أسئلتهم لأنهم‬

                                        ‫لا يملكون أسئلة أص ًل!‬

                           ‫***‬
‫هذه عشرة أسئلة أوردتها سري ًعا في تلك المقدمة‪ ،‬آم ًل أن يتاح‬
‫لي الوقت والقدرة للتوقف عند كل منها في مبحث خاص‪ ،‬لأحاول‬
‫سبر غورها وطرح أسئلتي عليها‪ ،‬واستجلاء بعض جوانبها من كتب‬
‫التراث نفسها‪ ،‬بد ًءا من القرآن نفسه‪ ،‬وليس انتهاء بكتب الأحاديث‬
‫والسيرة النبوية والتفاسير والعقيدة‪ ،‬إضافة إلى كتب المحدثين‪ ..‬مع‬
‫التأكيد على أن ما أورده هنا يدخل تحت نطاق «الثقافة الدينية»‪،‬‬
‫وليس الاشتغال بالدين وأدبياته وما يسمى «علومه»‪ ،‬فما يهمني‬
‫–كمثقف‪ -‬هو تأثير «الثقافة الدينية» على سير الحياة‪ ،‬وقد أثرت‬
‫كثي ًرا وعطلت نهضة الدول التي رزحت تحت هذا التأثير‪ ،‬كما أتمنى‬

                                                    ‫أن أوضح‪.‬‬
‫وعليه؛ فإن هذه الكتابة لا ترمي إلى التشكيك في السرديات‬
‫الدينية –الإبراهيمية تحدي ًدا‪ -‬اليهودية والمسيحية والإسلامية‪ ،‬ولا‬
‫تقدم سردية جديدة مخالفة‪ ،‬ولا تمتلكها أسا ًسا‪ ،‬ولا تهدف إلى إقناع‬
‫أي أح ٍد بأي شيء‪ ،‬لأن كاتبها لا يمتلك يقينًا أص ًل‪ ،‬بل ويظن أن ليس‬
‫ثمة يقين ليمتلكه أي أحد‪ ،‬بل مجرد اجتهادات تقترب وتبتعد من وعن‬
‫الصواب‪ ،‬وليس ثمة صواب كذلك‪ ،‬فالغاية هي تفكيك هذا الخطاب‬

                            ‫‪18‬‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23