Page 102 - Book-1-interactiv
P. 102

‫والجنات وا ألنهار نتاج المطر لهذا جعلهما بعد أ�ن تكون السماء عليهم مدرارا‬
‫لا ينقطع مطرها وإنما يتردد (يتكرر عليهم ويعاودهم حينا بعد حين) فتظل‬
‫به الجنات مزدهرات وا ألنهار جارية فإنما يتجمع ماء المطر في الوديان ويصير‬
‫أ�نهارا‪ ،‬و(الجعل) تحويل الشيء من حال إلى حال‪ ،‬ويقصد به جعله عليهم‬
‫رخاء لا شدة فيه‪ ،‬فينشئ الجنات وينشئ ا ألنهار مما لم يكن فيه هذا ولا ذاك‬

                                              ‫من ا ألرض‪.‬‬
‫‪ -5‬يتسائل نوح في ا آلية التالية (مالكم لا ترجون لله وقارا)(وقد خلقكم‬
‫أ�طوارا) مازلنا في هذه الفاصلة الق آر�نية الراء الممدودة وهذا الإيقاع المتسارع‬
‫الذي يجسد التكرار تجسيدا حيا محسوسا من خلال الجرس الذي يحدثه‬
‫مسموعا‪(،‬مالكم)=(ما بالكم)‪( ،‬لا ترجون لله) أ�ي (لا تتضرعون إليه) وهذا‬
‫مخالف لما وجدته في التفاسير‪ ،‬ولكني أ�جده أ�قرب للمعني مالكم لا تتطلعون‬
‫إليه بالرجاء‪ ،‬فتتوسلون إليه به‪ ،‬وترجونه(يقصد ترجونه بالاستغفار خاصة‬
‫وبالإيمان عامة)‪( ،‬وقارا) أ�ي توقيرا له وهو أ�هل لذلك‪ ،‬ويكمل هذا السياق‬
‫البديع فيقول‪( ،‬كيف لا ترفعون إليه أ�يديكم بالرجاء والدعاء(وقارا له)أ�ي مع‬
‫تمام الوقار له في اجتماع المنع والعطاء جميعا بين يديه وقد استقر له البطش‬
‫والرحمة)كيفلاتفعلونوقدخلقكم أ�طوارا‪ ،‬أ�لا يستحقهذاالتوقيروقدخلقكم‬
‫طورا بعد طور‪ ،‬فتارة أ�نش أ�كم من ا ألرض‪ ،‬وتارة أ�نش أ�كم في بطون أ�مهاتكم‬
‫وكنتم من قبل ذرا في ظهور آ�بائكم؛ بل وتولدون صغارا ثم يصيرون صبية ففتة‬
‫فشبابا ثم كهولا فشيوخا ثم تهرمون‪ ،‬فهذه أ�طوار يعرفونها إن لم يكونوا يعرفون‬
‫النطفة والعلقة والمضغة ثم العظام والمكسوة لحما ثم المنش أ�ة خلقا جديدا‬
‫“ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين‪ ،‬ثم جعلناه نطفة في قرار مكين‪ ،‬ثم‬

                                                    ‫‪100‬‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107