Page 149 - m
P. 149

‫‪147‬‬             ‫تجديد الخطاب‬

‫علي عبد الرازق‬  ‫زكي نجيب محمود‬                  ‫الشيخ محمد الغزالي‬           ‫تيمية الحراني‪ ،‬ثم المؤسس‬
                                                                              ‫الحقيقي لها محمد بن عبد‬
‫عين المحادة لله ولرسوله ولعلماء‬      ‫أمره بقوة السلاح ومعاونة آل‬         ‫الوهاب‪ ،‬وقد واكب ذلك تغير في‬
    ‫المسلمين قاطبة» وقال أي ًضا‪:‬‬     ‫سعود‪ ،‬ومما يدلنا على هذا أن‬          ‫طريقة التفكير الاجتهادية التي‬
                                    ‫شقيقه سليمان بن عبد الوهاب‬             ‫سبقت تلك المرحلة‪ ،‬فقد كانت‬
 ‫«هل قالوا مثل ما قلتم‪ :‬من فعل‬        ‫النجدي يقول واص ًفا ما فعله‬           ‫طريقة الفقهاء قبله تقوم على‬
‫هذا فهو كافر ومن لم يكفره فهو‬      ‫أخوه من الخراب‪« :‬حيث أجريتم‬           ‫الاجتهاد الموصول بما قبله فك ًرا‬
                                  ‫الكفر والردة على أمصار المسلمين‬      ‫وأس ًسا‪ ،‬وحين ظهر محمد بن عبد‬
   ‫كافر؟ عيا ًذا بك اللهم من قول‬                                         ‫الوهاب النجدي اتخذت النهضة‬
                      ‫الزور»(‪.)1‬‬        ‫وغيرها من بلاد المسلمين‪،‬‬       ‫الفقهية والعقلية طو ًرا آخر مغاي ًرا‬
                                   ‫وجعلتم بلادهم بلاد حرب حتى‬             ‫لما كانت عليه‪ ،‬فقد خالف عامة‬
   ‫ولدينا اليوم كتاب يتناول هذا‬     ‫الحرمين الشريفين اللذين أخبر‬       ‫المسلمين في اتباع الطرق المشروعة‬
‫المنهج ويبدي فيه رأيه‪ ،‬وقد سبقه‬    ‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في‬         ‫للاستنباط والتفكير؛ حيث ألقى‬
                                                                        ‫بكل ما سبقه من منتجات الفقهاء‬
 ‫الكثير ممن تناولوه‪ ،‬ولكن طرح‬        ‫الأحاديث الصحيحة الصريحة‬              ‫عرض الحائط‪ ،‬وقرر أن يعود‬
‫الدكتور محمد السيد إسماعيل في‬         ‫أنهما لا تعبد فيهما الأصنام‪،‬‬       ‫إلى النص الشرعي بنفسه‪ ،‬دون‬
 ‫كتابه‪« :‬نقد الفكر السلفي» يسلك‬       ‫وحتى الدجال في آخر الزمان‬            ‫الاستعانة بالطرح الكبير الذي‬
                                       ‫يطأ البلاد كلها إلا الحرمين‬        ‫أسهم في إنجازه كواكب عظيمة‬
    ‫نظرة أخرى مغايرة لما سبق‪،‬‬       ‫الشريفين كما نقف على ذلك إن‬             ‫من الفقهاء والأصوليين‪ ،‬وما‬
  ‫حيث يتناول الفكر السلفي على‬        ‫شاء الله في هذه الرسالة‪ ،‬فكل‬          ‫فعله ابن عبد الوهاب كان ردة‬
 ‫أنه طريقة تسبح ضد الإنسانية‪،‬‬     ‫هذه البلاد عندكم بلاد حرب كفار‬            ‫عظيمة عن المنهج الذي اتسم‬
                                    ‫أهلها لأنهم عبدوا الأصنام على‬         ‫بالعقلانية في التفكير‪ ،‬والتنظيم‬
        ‫وتسهم في خلق الأزمات‬        ‫قولكم‪ ،‬وكلهم عندكم مشركون‬            ‫الدقيق لطريقة الاستنباط‪ ،‬الأمر‬
 ‫والتوجهات الراديكالية المتشددة‪،‬‬     ‫شر ًكا مخر ًجا من الملة فإنا لله‬      ‫الذي أوقع ابن عبد الوهاب في‬
 ‫والتي خلقت ج ًّوا من التساؤلات‬    ‫وإنا إليه راجعون‪ ،‬فوالله إن هذا‬      ‫مشكلة عويصة‪ ،‬وسقطت أفكاره‬
‫حول التدين عامة‪ ،‬وفكرة السلفية‬                                           ‫في مستنقع الجهل تارة‪ ،‬والغفلة‬
                                                                           ‫تارات أخر‪ ،‬ولم يلحظ تابعوه‬
                       ‫خاصة‪.‬‬                                           ‫ذلك؛ بل ساروا على نفس الطريقة‬
     ‫وقد استخدم الدكتور محمد‬                                           ‫والمنهج فتكونت لدينا فئة على هذه‬
‫السيد إسماعيل طريقة أدبية ذات‬                                            ‫الشاكلة من التفكير الذي يواجه‬
                                                                         ‫النوازل بفقه الصحراء‪ ،‬ويواجه‬
                                                                         ‫المدينة بكل تعقيداتها بفقه الناقة‬
                                                                            ‫والجمل‪ ،‬وليس ذلك انتقا ًصا‬
                                                                           ‫من هذا الفقه ولكن من المقرر‬
                                                                        ‫شر ًعا أن لكل حادثة ظر ًفا‪ ،‬ولكل‬
                                                                         ‫حال مقا ًل‪ ،‬وأن لكل زمن عادات‬

                                                                                               ‫وبيئات‪.‬‬
                                                                           ‫وقد لقي ابن عبد الوهاب هذا‬
                                                                          ‫معارضة شديدة قبل استفحال‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154