Page 152 - m
P. 152

‫وصفه بعمامة الفقيه‪ ،‬فبطبيعة‬                                ‫العـدد ‪57‬‬                          ‫‪150‬‬
     ‫الحال لم يكن عندنا أب ًدا هذا‬
     ‫التوصيف أو هذا المعتقد عند‬                                             ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬  ‫أن المعاملات متغيرة من عصر إلى‬
                                                                                          ‫عصر بل داخل العصر من مكان‬
 ‫أهل السنة‪ ،‬ولكن هذا التوصيف‬                   ‫علي عشري زايد‬
‫يمكن إطلاقه على الشيعة الإمامية‪،‬‬                                                            ‫إلى مكان فالفقه ‪-‬بالضرورة‪-‬‬
                                       ‫يتخلوا عنها‪ ،‬ومن هذه الدعوات‬                         ‫متغير ليس فقط من عصر إلى‬
 ‫الذين ينتظمون تحت رأي وقول‬           ‫الهادمة للفكر الإسلامي الحنيف‬                         ‫عصر أو من مكان إلى آخر بل‬
   ‫المرجعية الدينية‪ ،‬أو الآية‪ ،‬لهذا‬
    ‫فكلام الكاتب هنا كان في غير‬          ‫نظرته إلى المرأة‪ ،‬حيث «ترتبط‬                         ‫من فقيه إلى غيره‪ ،‬ومن هنا‬
 ‫محله خاصة وأنه عمم القول في‬         ‫المرأة في الاعتقاد السلفي بالغواية‬                   ‫نشأت المذاهب الأربعة بالإضافة‬

 ‫هذا الأمر‪ ،‬وكان عليه أن يتحرى‬         ‫والفتنة وإثارة الغرائز والفساد‬                       ‫إلى مذاهب أخرى لا تقل أهمية‬
                        ‫ويدقق‪.‬‬       ‫الأخلاقي وأنها أقل ‪-‬دينًا وعق ًل‪-‬‬                    ‫مثل مذهب الليث بن سعد الفقيه‬
                                      ‫من الرجل فهي إنسان غير كامل‬                        ‫المصري الذى كان الشافعي يقول‬
  ‫وكذلك نجده يستخدم تعبيرات‬          ‫أو نصف إنسان وهى عورة يلزم‬
 ‫ليست رأ ًيا للجميع‪ ،‬لأن الإسلام‬                                                             ‫عنه‪ :‬الليث أفقه من مالك غير‬
                                       ‫إخفاؤها‪ ،‬جسدها بالكامل عورة‬                          ‫أن أهله لم يقوموا به‪ .‬والمذهب‬
   ‫لا يرى فصل الدين عن الدولة‬         ‫دون استثناء للوجه والكفين على‬                      ‫الجعفري نسبة إلى جعفر الصادق‬
    ‫أب ًدا‪ ،‬لكنه رأي علماني صرف‬                                                          ‫الذى أرى ضرورة الاستفادة منه‬
     ‫استعير من الثورات الغربية‬           ‫عكس ما ورد في حديث نبوي‬                         ‫بعي ًدا عن الصراعات الطائفية التي‬
   ‫التي تخلصت من عنت وتسلط‬           ‫شريف‪ ،‬وصوتها عورة حتى وإن‬                           ‫هي صراعات سياسية في مبتدأها‬
     ‫الكهنوت‪ ،‬والأمر في الإسلام‬       ‫كانت تقرأ القرآن هكذا رد ياسر‬                        ‫ومنتهاها»(‪ .)7‬ولهذا رأينا الإمام‬
  ‫يختلف كليًّا‪ ،‬فليس لرجل الدين‬      ‫البرهامى على أخ سلفي خشى أن‬                           ‫الشافعي رحمه الله تعالى يكتب‬
   ‫سلطة‪ ،‬كما لا يتميز العالم عن‬                                                           ‫فق ًها آخر حين حضر إلى مصر‪،‬‬
 ‫الحاكم‪ ،‬ولا الحاكم عن المحكوم‪،‬‬        ‫يستمع رجل إلى صوت خطيبته‬
‫وكان على كاتبنا أن يسلط الضوء‬         ‫وهى تقرأ القرآن ولهذا فالأحوط‬                           ‫ولم يف ِت بما كتبه واستنبطه‬
     ‫بحيادية لإبداء نظرته كاملة‪.‬‬      ‫أن تظل في «قعر بيتها» مستندين‬                      ‫بالعراق؛ ذلك أن أحوال الناس في‬
  ‫وليس الاعتداد بقول الطهطاوي‬         ‫إلى أحاديث نسبوها إلى الرسول‬
  ‫أو محمد عبده فيص ًل في الأمر‪،‬‬      ‫من قبيل «المرأة عورة فإذا خرجت‬                         ‫العراق غير أحوالهم في مصر‪،‬‬
                                                                                             ‫وعادات المصريين ليست هي‬
     ‫وغاية الأمر أن هذه القضية‬            ‫استشرفها الشيطان وإنها لا‬
   ‫(الإسلام دين لا دولة) لم تكن‬        ‫تكون أقرب إلى الله منها في قعر‬                                 ‫عادات أهل العراق‪.‬‬
                                                                                              ‫ويرى الدكتور محمد السيد‬
    ‫يو ًما بهذا الأسلوب‪ ،‬حيث إن‬                            ‫بيتها»(‪.)8‬‬                          ‫إسماعيل أن الفكر الوهابي‬
    ‫الدين جزء من روح الإنسان‪،‬‬            ‫ولكننا لا نفهم هنا ما يقصده‬                          ‫السلفي فكر منقطع الأصل‪،‬‬
‫سواء كان حاك ًما أو محكو ًما‪ ،‬ولا‬      ‫الكاتب من تشديد النكير على ما‬                        ‫ولا يستند إلى أصول فكرية أو‬
 ‫يمكن تمييز شخصه وما يعتقده‬                                                                 ‫حضارية؛ لذا فهو يمشي خبط‬
                                                                                          ‫عشواء‪ ،‬ويلقي رؤاه جزا ًفا دون‬
     ‫لأنه ببساطة هو هو بروحه‬                                                                  ‫بينة‪ ،‬حتى الكتاب والسنة لا‬
 ‫وجسده‪ ،‬لهذا كانت تلك المفاهيم‬                                                           ‫يفقهون مراميهما‪ ،‬رغم ادعاءاتهم‬
‫مستوردة جاهزة من الغرب وظل‬                                                                ‫التي لا تنتهي بأنهم حماة الدين‪،‬‬
   ‫علمانيو الشرق يرددونها دون‬
  ‫أن يلحظوا الفارق بين الإسلام‬                                                                          ‫وفقهاء الإسلام‪.‬‬
 ‫وغيره من الشرائع التي انتظمت‬                                                                 ‫وهنا يركز الكاتب على فكرة‬
                                                                                               ‫التقليد التي وقع فيها الفكر‬
      ‫أحواله كلها دينيًّا وسياسيًّا‬                                                          ‫السلفي‪ ،‬ولم يستطع أن يقدم‬
                     ‫واجتماعيًّا‪.‬‬
                                                                                                ‫أنموذ ًجا بدي ًل عن المذاهب‬
                                                                                           ‫الإسلامية التي يدعو الناس أن‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157