Page 157 - m
P. 157

‫‪155‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

   ‫التكفير والهجرة بإمامة شكرى‬              ‫فاعلة إلى الآن‪ ،‬ومع ذلك فإن‬     ‫بغير ما أنزل الله‪ .‬وبعضها يحرم‬
  ‫مصطفى الذي قتل الشيخ محمد‬            ‫السلفية النصوصية تحدي ًدا هي ما‬       ‫المشاركة السياسية لقناعتها بأن‬
  ‫حسين الذهبي في صيف ‪،1977‬‬             ‫يدرسها في مقالات كتابه اللاحقة‪،‬‬       ‫الديمقراطية نظام كفرى مأخوذ‬
  ‫ثم إلى محمد عبد السلام فرج في‬         ‫نظ ًرا لانتشارها الواسع وهيمنتها‬
‫كتابه» الفريضة الغائبة» مع جماعة‬      ‫على العقل السلفي وخطورة طرحها‬            ‫من الغرب العلماني الإلحادي‪.‬‬
 ‫الجهاد والجماعة الإسلامية الذين‬                                                ‫ولأن هذه الديمقراطية تعطي‬
                                          ‫من أفكار مثل الدعوة إلى عودة‬     ‫الإنسان الحق في التشريع لنفسه‪،‬‬
    ‫قتلوا الرئيس أنور السادات في‬      ‫الخلافة على حساب النزعة الوطنية‬         ‫في حين أن التشريع حق مطلق‬
   ‫أكتوبر ‪ ..1981‬والقائمة تطوله‪.‬‬      ‫والموقف من المصري غير المسلم‪.‬‬           ‫لله‪ ،‬حيث لا حكم إلا له‪ .‬ويمثل‬
   ‫وقد حلل المؤلف بنية هذه فكرة‬                                                ‫الاتجاه الأول ‪-‬الذي أشار له‬
 ‫الحاكمية وأبان عن تهافتها ووجه‬           ‫والموقف من المرأة‪ ،‬وموقفها‬         ‫المؤلف‪ -‬إلى جماعة من السلفية‬
    ‫لها سهام نقده بأسلوب علمي‬            ‫من الديمقراطية‪ ..‬وغيرها من‬        ‫تتبع آراء ومواقف أحمد بن حنبل‬
 ‫أكاديمي بعد أن شرحها من خلال‬                                              ‫وابن تيمية‪ ،‬والاتجاه الثاني تمثله‬
                                            ‫القضايا الشائكة الأخرى‪.‬‬       ‫جماعات الجهاد المسلح وهم أنصار‬
     ‫رجوعه إلى مصنفات أتباعها‪،‬‬         ‫ثم يحدثنا عن «الحاكمية الإلهية»‬        ‫الخوارج‪ ،‬ويمثل الاتجاه الثالث‬
  ‫واستفاد من نقض الدكتور أحمد‬          ‫بوصفها الركيزة الأولى لجماعات‬         ‫أبو الأعلى المودودي وسيد قطب‬
                                                                              ‫وغيرهما الذين أصلوا لمصطلح‬
      ‫الطيب لفكرة الحاكمية‪ ،‬وكذا‬           ‫الإسلام السياسي التي يمكن‬
     ‫رجوعه إلى رأي الإمام محمد‬           ‫وصفها بأنها جماعات راديكالية‬                   ‫«الحاكمية الإلهية»‪.‬‬
 ‫عبده من خلال موقفه من الحركة‬         ‫تبيح قتال الحاكم والمجتمع بدعوى‬     ‫ويرى الدكتور محمد سيد إسماعيل‬
  ‫الوهابية‪ ..‬وكل هذا ‪-‬وربما كثير‬
     ‫غيره‪ -‬أدى إلى اغتراب الفكر‬             ‫التكفير والحكم بغير ما أنزل‬    ‫أن هذه التوجهات الثلاثة ما زالت‬
      ‫السلفي بد ًءا من الثياب التي‬         ‫الله وتقديم حاكمية البشر على‬
   ‫يرتديها اتباعه وانتهاء بالأفكار‬    ‫حاكمية الله‪ ،‬وبمثل هذه الرؤية غير‬
      ‫التي يعتنقونها‪ ،‬بل إن بعض‬          ‫المتبصرة بحقائق الدين والحياة‬
    ‫الجماعات السلفية مثل جماعة‬           ‫‪-‬كما يقول المؤلف‪ -‬سالت دماء‬
   ‫التكفير والهجرة حرمت التعليم‬        ‫عزيزة على مدار التاريخ الإسلامي‬
     ‫داخل المدارس الوطنية بحجة‬         ‫منذ موقعة صفين بين علي بن أبي‬
  ‫أخذها بالمناهج الغربية‪ ،‬وحرموا‬      ‫طالب ومعاوية بن أبي سفيان‪ .‬ومن‬
  ‫الوظائف بحجة أن رواتبها تأتي‬            ‫هنا نشأت فرقة الخوارج الذين‬
    ‫بطرق ربوية‪ ،‬ناهيك عن رفض‬             ‫كفروا عليًّا بن أبي طالب بعد أن‬
‫التجنيد والالتحاق بجهات الشرطة‬           ‫استجاب لمطلبهم وقبل التحكيم‪،‬‬
     ‫باعتبارهم حراس الطواغيت‪.‬‬            ‫وبعد التحكيم خرجوا على الإمام‬
    ‫ثم عرج إلى إشكالية الإمامة أو‬       ‫وقالوا قولتهم المشهورة «لا حكم‬
  ‫الخلافة وانتهى إلى أنهما وجهان‬         ‫إلا الله» وهي كلمة حق يراد بها‬
      ‫لعملة واحدة‪ ،‬وأن صراعهما‬         ‫باطل‪ ،‬وقد استلهم المودودي فكرة‬
 ‫(يقصد الصراع عليهما من جانب‬              ‫الحاكمية من الخوارج ثم روج‬
   ‫فرق علم الكلام) كان في متبدئه‬           ‫لها سيد قطب في كتابه «معالم‬
‫ومنتهاه صرا ًعا سياسيًّا على المُلك‪،‬‬       ‫في الطريق» وضمنها تفسيره‬
  ‫وهو ما نشهد كثي ًرا من ظواهره‬             ‫«في ظلال القرآن»‪ ،‬ثم انتقلت‬
 ‫حتى اللحظة الراهنة دون أن يمنع‬             ‫هذه الفكرة عند جل جماعات‬
  ‫ذلك وجود خلافات فقهية ناتجة‬            ‫تكفير المجتمع من جماعة «الفنية‬
                                        ‫العسكرية» التي قادها الفلسطيني‬
                                        ‫صالح سرية عام ‪ ،1974‬وجماعة‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162