Page 158 - m
P. 158

‫العـدد ‪57‬‬                                     ‫‪156‬‬

                                      ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬                              ‫عن هذا الصراع السياسي‪ .‬وقد‬
                                                                                ‫توصل الباحث إلى هذه النتيجة‬
  ‫جسد مملوك لزوجها‪ ،‬مع وصف‬                ‫سلطة الحاكم الذي يمكن عزله‬          ‫القيمة بعد أن أورد لنا آراء بعض‬
   ‫المرأة بالجهل وأن العلم للرجال‬       ‫إذا ما أخل بهذا العقد الاجتماعي‪،‬‬        ‫الفرق الكلامية الإسلامية حول‬
    ‫فقط‪ ..‬ثم أخذ سن زواج الفتاة‬         ‫وعلى الرغم من أن «الديمقراطية»‬
  ‫مساحة كبيرة من النقاش وكأنه‬         ‫أصبحت منذ بدايات العصر الحديث‬               ‫هاتيك القضية‪ ،‬وقد حكى لنا‬
                                      ‫مطلبًا عالميًّا لا يماري أحد في جدواه‬       ‫آراء ومواقف الخوارج وفرق‬
‫إحدى القضايا القومية‪ ،‬حتى أصدر‬           ‫وضرورته‪ ،‬فإن تيارات الإسلام‬          ‫الشيعة (الاثنى عشرية والزيدية)‬
  ‫أحدهم فتوى أكد فيها أن الشرع‬         ‫السياسي خاصة التيارات السلفية‬          ‫وتطور رأي الشيعة إلى ما اسماه‬
 ‫لم يحدد سنًّا معينة لزواج البنات‪،‬‬      ‫ما زالت تصف الديمقراطية بأنها‬          ‫الخميني «ولاية الفقيه» في كتابه‬
     ‫وأنه يجوز للفتاة الزواج عقب‬                                             ‫«الحكومة الإسلامية»‪ ،‬وأهل السنة‬
  ‫ولادتها حتى لو كان عمرها يو ًما‬          ‫خروج على الشرع ويربطونها‬           ‫والجماعة‪ ..‬ولا أدري لماذا تجاهل‬
    ‫واح ًدا‪ .‬ويرد على هذه الدعاوى‬      ‫بالعلمانية التي هي عندهم مرادفة‬       ‫المؤلف مواقف المعتزلة والأشاعرة‬
                                                                             ‫والماتريدية‪ ،‬وناقش المؤلف النتائج‬
‫المتخلفة حضار ًّيا المؤلف الذي يرى‬                             ‫للكفر‪.‬‬             ‫المترتبة على نظرية الإمامة أو‬
   ‫أن القرآن الكريم خاطب النساء‬         ‫وعن علاقة السلفية وموقفها من‬            ‫الخلافة بأسلوب علمي رصين‪.‬‬
                                       ‫المرأة المسلمة رأى المؤلف أن المرأة‬      ‫ثم يتناول ناقدنا قضية معاداة‬
  ‫والرجال م ًعا‪ ،‬ولم يفرق بينهم في‬     ‫في الاعتقاد السلفي ترتبط بالغواية‬         ‫الديمقراطية عند أنصار الفكر‬
   ‫التكاليف والثواب والعقاب‪ ،‬وقد‬          ‫والفتنة وإثارة الغرائز والفساد‬        ‫السلفي‪ ،‬ويرى أن الديمقراطية‬
   ‫ساوى «المعتزلة» (أنصار الفكر‬          ‫الأخلاقي‪ ،‬وأنها أقل دينًا وعق ًل‬          ‫المظهر الرئيسي أو الترجمة‬
    ‫العقلاني المستنير) بين الرجل‬        ‫من الرجل‪ ،‬فهي إنسان غير كامل‬          ‫الحقيقية لفكرة التحول من «العقد‬
‫والمرأة في العقل والتكليف والتمييز‪.‬‬     ‫أو نصف إنسان وهي عورة يلزم‬            ‫الإلهي» (أو الحق الإلهي المقدس)‬
 ‫ثم يحلل إسماعيل موقف السلفية‬            ‫إخفاؤها‪ ،‬جسدها بالكامل عورة‬             ‫الذي كان يحكم علاقة الحاكم‬
 ‫من تكفير مبادئ المواطنة‪ ،‬ويعرف‬                                              ‫بشعبه بوصفه ظل الله على الأرض‬
                                            ‫دون استثناء للوجه والكفين‪،‬‬        ‫ما هو الحال في العصور الوسطى‬
     ‫المواطنة بالرجوع إلى ما كتبه‬     ‫وصوتها عورة حتى وإن كانت تقرأ‬            ‫الأوروبية إلى «العقد الاجتماعي»‬
     ‫الدكتور أحمد زايد الذي ذهب‬                                                 ‫الذي نادى به جان جاك روسو‬
   ‫إلى أن المواطنة ليست ح ًّقا ُيمنح‬      ‫القرآن‪ ،‬ولهذا فالأحوط أن تظل‬
  ‫ولكنها استحقا ًقا يكتسبها البشر‬        ‫في «قعر بيتها» (ملكة متوجة!!)‪،‬‬                        ‫وهو المشروط‬
     ‫كما تنص عليها وثائق حقوق‬          ‫وبالتالي فقد حرموا المرأة من تولي‬                    ‫بصلاحية الحاكم‬
 ‫الإنسان العالمية (ديسمبر ‪،)1948‬‬         ‫أي منصب قيادي‪ ،‬ناهيك عن أن‬
 ‫وهم يكتسبون هذه الاستحقاقات‬          ‫تكون قاضية لنقصان عقلها ولأنها‬                           ‫لمهامه بوصفه‬
                                                                                            ‫موظ ًفا عا ًما داخل‬

                                                                                              ‫الدولة دون أي‬
                                                                                            ‫تما ٍه بينه وبينها‪،‬‬
                                                                                              ‫من هنا تواترت‬
                                                                                          ‫مبادئ الديمقراطية‬

                                                                                               ‫التي تؤكد أن‬
                                                                                              ‫الشعب مصدر‬
                                                                                           ‫السلطات والرقيب‬
                                                                                             ‫عليها والمحاسب‬
                                                                                              ‫لها بما في ذلك‬
   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163