Page 161 - m
P. 161

‫‪159‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

   ‫‪ :‬لكم نصحتك‪ُ ،‬ب َّح صوتي‪ ،‬ثم‬               ‫ومن لم يتبع‪ ..‬يندثر‪ ،‬كما أخبرنا‬             ‫صاحوا‪ :‬هااا‪ ،‬إذن‪ ،‬لن تنفع‬
    ‫ماذا يضيرك يا بني لو تؤمن‪،‬‬                                         ‫إيليا‪.‬‬                                ‫العمرة‪.‬‬
  ‫احتياطي؟ لا شيء مضمون‪ ،‬لم‬
 ‫ُتح ِدثنا القبور‪ ،‬لم ُتخبِرنا ال ِّر َمام‪،‬‬           ‫أربكني حرصه على ذبح‬                ‫فأبدى ابتسامة‪ ‬الهزء المرير‪..‬‬
‫و َصم َت من رقدوا من مليون عام‪،‬‬               ‫الأضاحي مع انتشائه بلقب رجل‬            ‫ونطق كلمة على مقطعين تفصلهما‬
 ‫فهب قضيت‪ ،‬فتبين أن هناك إِ َله‪،‬‬
  ‫وجنَّة وجهنَّم‪ ،‬فستخسر‪ ،‬أ َّما لو‬              ‫البِ ِّر‪ ،‬أكثر مما أربكتني دوافع‬                             ‫شهقة‬
  ‫قلتها كلمة‪ ،‬احتياطي‪ ،‬ف ِعش كما‬              ‫محيطي في التزلف له زه ًوا برتبة‬        ‫‪ :‬ونفعت‪ ،‬والمسيح الحي « ِنفعت»‪.‬‬
   ‫يحلو لك‪ ،‬فإن رحلت وانكشف‬                   ‫حاشية السلطان‪ .‬لكنهم َو ُّدوا‪ ‬لو‬
 ‫ال ِّس ِّر عن محو‪ ،‬عن دثور‪ ،‬وتبين‬                                                          ‫والكعبة الشريفة « ِنفعت»‪.‬‬
 ‫أن لا إِ َله‪ ،‬ولا نشور‪ ،‬فلن تكسب‬                   ‫تلطف بالكف عن المجاهرة‬            ‫أقسم تارة ببيت المقدس‪ ،‬وأخرى‬
 ‫فراديس‪ ،‬لكنك لن تخسر‪ ،‬فأسلم‬                    ‫بالاستهزاء بمقدساتهم‪ ،‬فالمزح‬
                                             ‫يحملُ ُه مقا ُل‪ ‬الهازي‪ ،‬كما ورد عن‬                        ‫بالبيت العتيق!‬
               ‫احتياطي‪ ..‬تسلم!‬               ‫معاوية‪ .‬وبدورهم‪ ،‬لن يسألوه من‬               ‫المفارقة‪ ،‬أن أسرته كانت ت ُعج‬
  ‫ص َّدق الحضور على منطقها كما‬                 ‫منطلق «لا تسألوا عن أشياء إن‬          ‫بالسلفيين الذين استساغوا تمرير‬
 ‫صادقوا على خيرية «فلان» الذي‬                                                          ‫نزواته العقائد َّية‪ ،‬وكنت أندهش‬
                                                            ‫تبد لكم تسؤكم»‪.‬‬           ‫لسعي الكل لإثبات صلاحه بحثًا‬
                   ‫بهتهم بقوله‪:‬‬                                           ‫‪...‬‬        ‫له عن مخرج‪ ،‬في حين‪ ،‬لم يكن هو‬
       ‫‪ -‬عشت معكم بين ركوع‬                                                           ‫يشعر أنه في مأزق يتطلع للخروج‬
   ‫وسجود‪ ،‬اعتكفت بصوامعكم‪،‬‬                      ‫قابلت والدته التركية والتي لم‬        ‫منه‪ ،‬فكان ُيرابي‪ُ ،‬يقرض ف ُي َع ِّشر‪،‬‬
      ‫ونسيت وجوه المليحات من‬                      ‫ُي َتح لها حظ من التعليم‪ ،‬فقد‬      ‫و َيستدين‪َ ،‬يسهر‪َ ،‬يسكر‪ُ ،‬يسافح‪،‬‬
    ‫قريباتي المنقبات‪ ،‬لكنني أوقن‬                                                       ‫يستغل‪ ،‬يستحل ويستبيح دون‬
  ‫أنه لو كان لأحدكم ذرة شك –لا‬                  ‫ولدت لأسرة رجعية‪ ،‬متحفظة‬
  ‫أقول إيمان‪ -‬بأنه سيقابل يو ًما‬              ‫وعالقة بالدين كمنجاه‪ ،‬كتعويذة‪،‬‬                              ‫ُم َراجعات‪.‬‬
     ‫معاون نيابة الأزبكية‪ ،‬لا رب‬              ‫كتميمة أو كحجاب وا ٍق من بئس‬           ‫والغالبية تطلب وده بالتوازي مع‬
  ‫الكون‪ ،‬ما كان ليتلاعب بعقيدته‬
 ‫مثلكم‪ ،‬فلطالما حشرتم المنطق في‬                                      ‫المصير‪.‬‬            ‫طلب هدايته‪ ،‬لكنني أشهد لعدم‬
  ‫الخرافة‪ ،‬تلقون بشقف عقائدكم‬                 ‫كانت أسرتها ُتزين بناتها للذكور‬        ‫إيوائه لقناعاته داخل صم ٍت رخي ٍم‬
 ‫عل ًفا لمصالحكم‪ ،‬وتتداولون «خذ‬
         ‫منه ما شئت‪ ،‬لما شئت»‪.‬‬                     ‫حين َي ُؤول عمرهن لرقمين‪،‬‬           ‫ولم يستجر بإيمان مخنث‪ ،‬لكنه‬
  ‫أرأيتم تلاعبًا بالمقدس أخس من‬               ‫فالزواج للفتاة كما الجيش للفتى‪.‬‬          ‫لم ُي ْش ِهر معتقده على الشاشات‪.‬‬
                                                                                      ‫واستمر الجميع يتصالحون معه‬
                          ‫هذا؟!‬                 ‫فزوجوها وترملت لجمع مذكر‬
  ‫تقتبسون إيمانكم عن أسلافكم‪،‬‬                     ‫غير سالم‪ ،‬فقد لاقى الرباعي‬              ‫لمصالح معنوية ومادية‪ ،‬فيما‬
  ‫ثم تراهنون على الميراث المقتبس‬                                                       ‫تربح هو المكانة‪ ،‬ال ِرفعة ومآرب‬
                                             ‫حتفه‪ ،‬بما فيهم والد «فلان» الذي‬
    ‫وتشربون رهان نخب الإله؟!‬                      ‫قضى نحبه غر ًقا‪ ،‬تار ًكا تلك‬                                ‫أخرى‪.‬‬
 ‫إن ُنس َختِكم عن الدين لا تناسب‬                    ‫الأناضولية البيضاء حبلى‪.‬‬            ‫مولج رأسه في الدن ومنتشلها‬
  ‫سوى قياسات خصر ضلالكم‪،‬‬
  ‫فلكم ضيَّقتم دائرة المباح نها ًرا‪،‬‬            ‫حفظت «الواقعة» لجلب الرزق‪،‬‬                 ‫ورائحة النبيذ تثور من فمه‬
                                             ‫و» َيس» لقضاء الحوائج‪ ،‬وتمتمت‬                    ‫وعربدته تتدرع دراهمه‬
     ‫وو َّسعتم بقعة الحرام ب َعتمة‬
                       ‫ال َّديا ِجي‪.‬‬            ‫بأذكار الصباح كحرز‪ ،‬وزارت‬                  ‫و َه ْزو عتيد‪ ،‬شهيد على قلب‬
                                               ‫الأديرة والكهنة ورشت الشيوخ‬                      ‫بات حلي ًقا من الإيمان‬
 ‫تتواصلون مع سمائكم كمرتزقة‬                                                                                       ‫‪...‬‬
                                                   ‫لينجب إبنها‪ ..‬دون جدوى‪.‬‬
                                             ‫خرجت يو ًما على قومها في ِزي َنتِ َها‪،‬‬      ‫لم يكن مف َّو ًها ليثبت بال ُح َجج‬
                                                                                         ‫دواعي إنكاره لوجود الخالق‪،‬‬
                                              ‫جلست ُمح َّملة بمصاغها‪ ،‬أساور‬          ‫لكني سمعته يعترف بحذوه‪َ  ‬ح ْذو‬
                                                 ‫ذهبية‪ُ ،‬يقال لها ُثعبان وقلائد‬      ‫الساسة والفلاسفة‪ ،‬أما الشعوب‪،‬‬
                                                ‫ماسية «پوندونتيف»‪ ،‬وتربعت‬              ‫فقطعان يسير بها صوت الرعاة‬
                                                 ‫على كرسي مذهب «بارجير»‪،‬‬
                                                    ‫ودار مع ابنها هذا الحوار‪:‬‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166