Page 159 - m
P. 159

‫‪157‬‬        ‫تجديد الخطاب‬

‫صالح سرية‬  ‫سيد قطب‬                                 ‫جان جاك روسو‬           ‫بحكم مشاركتهم في بناء المجتمع‬
                                                                            ‫مع استمراره‪ ،‬وتكوين الأسر‪،‬‬
    ‫ما هو قطعي الثبوت والدلالة‪.‬‬      ‫والسهروردي (الإشراقي المقتول‬            ‫والانخراط في صفوف الجيش‬
     ‫ونرى من جانبنا أن الأعمال‬       ‫صاحب «حكمة الإشراق» تميي ًزا‬
      ‫الإرهابية وراؤها مخططون‬       ‫له عن سميه السهروردي صاحب‬            ‫الوطني‪ .‬ومن شروط هذه المواطنة‬
    ‫يعرفون الحالة النفسية القلقة‬                                        ‫الإقامة المشتركة في منطقة جغرافية‬
‫التي يتصف بها المتطوعون للعمل‬          ‫كتاب «عوارف المعارف»)‪ ،‬وفي‬
 ‫الإرهابي‪ ،‬فهم يستغلون أصحاب‬             ‫العصر الحديث أشار باحثنا‬             ‫محددة ُتعرف بأنها «وطن»‪،‬‬
‫تلك النفوس ويمنونهم بحور عين‬                                                 ‫والإقامة في كنف دولة قومية‪.‬‬
  ‫وكأس من معين‪ ،‬مضا ًفا إليهما‬         ‫إلى تكفير أحد أساتذة الشريعة‬       ‫ويرى باحثنا بحق أن أزمة العقل‬
  ‫درو ًسا في الشجاعة والبطولات‬         ‫للشاعر اللبناني جورج جرداق‬         ‫السلفي تكمن في أنه لم يستوعب‬
     ‫والتخليد في التاريخ كشهداء‬                                            ‫هذا التحول نحو مقومات الدولة‬
 ‫يأخذون بالثأر وينتصرون لدين‬             ‫لقوله «صدفة أهدت الوجود‬            ‫الحديثة‪ ،‬وظل متمس ًكا بالهوية‬
   ‫الله‪ ،‬وهكذا يرسلون ضحاياهم‬        ‫إلينا»‪ ،‬وكذلك الشاعر الفلسطيني‬          ‫الدينية التي تتجاوز القوميات‬
  ‫إلى حيث الأعمال الإرهابية وهم‬      ‫الشاب أشرف فياض الذي صدر‬             ‫بتوسعاتها الإمبراطورية المناسبة‬
 ‫يجلسون بعي ًدا عن حلبة الصراع‬       ‫ضده حكم بالإعدام داخل المملكة‬      ‫للعصور الوسطى‪ ،‬مما جعل أنصار‬
‫ليقطفوا ثمار النتائج التي يرومون‬   ‫السعودية‪ ..‬ووضح المعاني البلاغية‬       ‫جماعة الإخوان أيام الملكية ينادوا‬
   ‫إليها‪ ،‬فهم يقضون أوقاتهم في‬                                          ‫بإلغاء الأحزاب لحشد طاقات الأمة‬
 ‫القلاع الحصينة الآمنة‪ ،‬واتباعهم‬       ‫التي تضمنتها نصوص الشعر‬           ‫كلها وراء هدف مستحيل يتمثل في‬
‫في ساحات الانتحار ينفذون إنزال‬       ‫والتي كانت سببًا في غياب الفهم‬     ‫إقامة ما سموه بالخلافة الإسلامية‪،‬‬
 ‫الدمار بالأبرياء والممتلكات باسم‬   ‫الصحيح لمعاني الشعراء‪ ،‬والقرآن‬        ‫خلافة تنشئها الديكتاتورية باسم‬
 ‫الدين والحاكمية الربانية وتطبيق‬    ‫الكريم نفسه لم ترد به إشارة إلى‬     ‫الإسلام‪ ،‬وقد سارت من خلفهم كل‬
                                     ‫قتل المرتد‪ ،‬بل إن الكثير من آياته‬    ‫تيارات الاتجاه السلفي التي رأت‬
             ‫شرع الله ورسوله‬       ‫ضد هذا‪ ،‬والقائلون بقتل المرتد إنما‬    ‫في المسيحيين (وأهل الذمة عمو ًما)‬
                                    ‫يستندون إلى حديثين نبويين هما‬         ‫عقبة في تحقيق هذا الحلم‪ ،‬ورأوا‬
                                    ‫أسا ًسا من أحاديث الآحاد الظنية‪،‬‬        ‫«أن فقدان الوطن أفضل من أن‬
                                     ‫وحكم الردة يتعلق بحياة إنسان‪،‬‬
                                    ‫ولا ينبغي الاستناد في ذلك إلا على‬             ‫يشاركنا فيه الآخرون»‪.‬‬
                                                                         ‫ثم يناقش عقلية التكفير بوجه عام‬

                                                                           ‫سواء عند حكام الإمبراطوريات‬
                                                                          ‫الإسلامية القديمة أو عند أنصار‬

                                                                                ‫تكفير الفلاسفة والمتكلمين‬
                                                                             ‫والصوفية والشعراء وغيرهم‬
                                                                           ‫من أرباب حرية الفكر والإبداع‪،‬‬
                                                                         ‫ويرى أن هناك الكثير من الشعراء‬
                                                                         ‫والكتاب الذين قتلوا بتهمة الزندقة‬

                                                                               ‫والتجديف في الذات الإلهية‪،‬‬
                                                                            ‫والخروج على الدين أو لأسباب‬

                                                                              ‫سياسية مباشرة أو متسترة‬
                                                                             ‫بدعاوى دينية‪ ،‬وأشار إلى قتل‬
                                                                          ‫بشار بن برد وعبد الله بن المقفع‬
                                                                         ‫من الشعراء والأدباء‪ ،‬وكذا الحلاج‬
   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164