Page 44 - التصحيح الأخير لملخص تاريخ بني صالح (2)
P. 44
44
من باطل من خلاله ،فذاعت شهرته وطبقت الآفاق ،و كتب سیرته النسابون والمؤرخون
والمحدثون وأصحاب التراجم والسیر فكان حقا شمسا طلعت من مشرقها.
أما سمیه وشبیهه الشریف الإمام عبدالقادر بن موسى الصالحي فعلى العكس من ذلك ولد
وعاش في كمبي صالح عاصمة مملكة آبائه بني صالح والتي كانت عامرة من كل شيء وخالیة
تماما من مؤرخین أو موثقین محلیین یكتبون عنها وعن ملوكها ووزرائهم وكتابهم وأبنائهم
وأحفادهم وعن علمائها وجهودهم ومصنفاتهم ،رغم شهرتهم التي طبقت الآفاق في زمانهم ،
حیث اعتبرهم العلامة عبدالرحمن بن خلدون الذي عاش بین عامي ( ٨0٨ _ ٧32هجري ،
الموافق 140٦ _ 1332م ) في المجلد الرابع من تاریخه المسمى ( كتاب العبر ودیوان
المبتدأ والخبر ) طباعة دار الكتب العلمیة _ ص ،13٦ _ 13٥ :حیث اعتبرهم و عدهم من
مشاهیر آل البیت في زمانه وأن أعقابهم معلومة مشهورة ،وذلك تحت عنوان ( :الخبر عن
نسب الطالبیین وذكر المشاهیر من أعقابهم.
وأما نسب هؤلاء الطالبیین فأكثرها راجع إلى الحسن والحسین بني علي بن أبي طالب ،
من فاطمة رضي الله عنها وهما سبطا الرسول صلى الله علیه وسلم .....ومنهم بنو صالح بن
موسى بن عبدالله الساقي ویلقب بأبي الكرام بن موسى الجون ،وهم الذین كانوا ملوكا بغانة من
بلاد السودان بالمغرب الأقصى ،وعقبهم هنالك معروفون ) .نعم كانوا معروفین ومشهورین ،
ولكن ما یؤسف له أن كل ما كتب عنهم هو روایات وحكایات یسیرة یتناقلها تجار المغرب
والمشرق والأندلس الذین یؤمون غانة لتجارة الذهب ،بل إن أغلب تلك الروایات لا تجد من
یدونها فتموت بموت من نقلوها ،والعلامة عبدالرحمن بن خلدون نفسه خیر شاهد على ذلك ،
حینما بدأ كتابة المجلد الأول من تاریخه ( المقدمة ) لم تصله معلومات مدونة ساعتها عن هؤلاء
الشرفاء المشاهیر سوى ما كتبه عنهم أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدریس الحمودي
الحسني المعروف بالشریف الإدریسي من علماء القرن السادس الهجري في المجلد الأول من
كتابه ( :نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ) ص ، 23وردت فیه أوصاف ملك غانة هلال بن
حبیب الله العائد الكناني دون ذكر اسمه وعمود نسبه إلى جده صالح مع اختصار عمود نسب
أبیه صالح أیضا وذللك بقوله :
( ...وغانة مدینتان على ضفتي البحر الحلو وهي أكبر بلاد السودان قطرا وأكثرها خلقا
وأوسعها متجرا وإلیها یقصد التجار المیاسیر من جمیع البلاد المحیطة بها ومن سائر بلاد
المغرب الأقصى وأهلها مسلمون وملكها فیما یوصف من ذریة صالح بن عبدالله بن الحسن بن
الحسن بن علي بن أبي طالب ،وهو یخطب لنفسه لكنه تحت طاعة أمیر المؤمنین العباسي وله
قصر على النیل قد أوثق بنیانه وأحكم إتقانه وزینت مساكنه بضروب من النقوشات والأدهان
وشمسیات الزجاج وكان بنیان هذا القصر في عام عشرة وخمسمائة من سني الهجرة ، )....
ویستمر الشریف الإدریسي في وصف هلال الدمشقي هذا حتى یصف ملابسه وشراك نعله .
فلما وصلت ابن خلدون رحمه الله تلك المعلومات بهذا الاختصار الشدید لعمود النسب ،
أنكر هذا النسب وأصبح شغله الشاغل هو إبطاله ونفیه ،ولولا أنه اطلع بعد ذلك على ما كتبه
بعض المتقدمین غیر الشریف الإدریسي ،عن هؤلاء الشرفاء المشاهیر ،كابن سعید الغرناطي
المتوفى عام ٦٨٥هجري في كتابه ( كنوز المطالب في أنساب آل علي بن أبي طالب ) ،وابن