Page 146 - merit 50
P. 146

‫العـدد ‪50‬‬                            ‫‪144‬‬

                                ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬                        ‫والدولة‪ ،‬وأنه يتكون من‬
                                                               ‫الأفراد والطبقات والجماعات‬
     ‫وأن واجب الأفراد دوما‬                   ‫ماكس فيبر‬
 ‫الخضوع التام للدولة وحق‬                                          ‫والمؤسسات‪ ،‬وتنتظم كلها‬
‫الفرد في الحرية لا يتحقق إلا‬      ‫والتملك الفردي والصراع‪،‬‬            ‫داخل القانون المدني»‪.‬‬
                                    ‫ولا يجد الخلاص إلا في‬           ‫وبرغم أن تناول هيجل‬
               ‫بقيام الدولة‪.‬‬
 ‫وترفع هذه النزعة الهيجلية‬       ‫الدولة حيث الكيان الشامل‪،‬‬     ‫للدولة من حيث الترتيب بعد‬
 ‫من شأن الدولة‪ ،‬فترى فيها‬       ‫فالمجتمع المدني يعد نو ًعا من‬   ‫المجتمع المدني‪ ،‬إلا أنه يعدها‬
‫الجوهر الحقيقي الذي نطمئن‬        ‫التفاعل التلقائي‪ ،‬ويقوم على‬   ‫النهاية‪ ،‬وهي في نفس الوقت‬
                                ‫العادات والتقاليد‪ ،‬أما الدولة‬
    ‫له جمي ًعا‪ ،‬وتضعها فوق‬                                               ‫الأساس والبداية‪.‬‬
   ‫المجتمع‪ ،‬وتقود إلى إضفاء‬        ‫فهي ذلك التكوين المتسق‬           ‫والمجتمع المدني‪ ،‬حسب‬
                                   ‫من المؤسسات السياسية‬           ‫فلسفة هيجل هو الوسيط‪،‬‬
     ‫صفة سلبية على مفهوم‬                                        ‫وهو الإنتاج الخاص الذي لا‬
 ‫المجتمع المدني أي ًضا لصالح‬                    ‫والقانونية‪.‬‬      ‫يمكن أن يولد أو يتطور إلا‬
                                 ‫ولا يؤمن هيجل بأن الدولة‬       ‫في كنف الدولة وبواسطتها‪،‬‬
     ‫تقديس وهيمنة متزايدة‬                                          ‫بحسب تعبيره‪ .‬ومن هنا‬
              ‫لمفهوم الدولة‪.‬‬       ‫تقوم على التعاقد‪ ،‬فالدولة‬       ‫كانت العلاقة بين الاثنين‬
                                 ‫لا تقوم على خيار أعضائها‪.‬‬        ‫علاقة تكامل وتعارض في‬
‫وبهذا تكون الدولة عند هيجل‬        ‫ويصف المجتمع المدني على‬
   ‫هي الكيان الذي له الكلمة‬                                                    ‫الوقت ذاته‪.‬‬
  ‫العليا على الأفراد والمجتمع‬      ‫أنه نظام قائم على الأنانية‬  ‫وعندما يتناول هيجل المجتمع‬
   ‫المدني والمؤسسات الدينية‬        ‫البحتة‪ .‬في حين يقرر بأن‬
    ‫وجميع المؤسسات‪ ،‬وهي‬          ‫علاقة الفرد بالدولة مختلف‬         ‫المدني يقوم بدراسته من‬
    ‫النموذج الأعلى‪ ،‬والمرتكز‬    ‫ج ًّدا عن هذه النظرة‪ ،‬فالدولة‬    ‫حيث هو المسافة بين الفرد‬
                                ‫عنده هي بمثابة تمثيل للروح‬        ‫والدولة‪ .‬وينظر هيجل إلي‬
‫الأساسي في البناء السياسي‬        ‫المطلقة على الأرض‪ ،‬ولا تتم‬
  ‫علي حساب المجتمع المدني‪.‬‬          ‫إنسانية الإنسان وحياته‬          ‫المجتمع المدني باعتباره‬
    ‫وتتكون فكرة الدولة عند‬        ‫ووجوده الفعلي والأخلاقي‬         ‫مجموع الروابط القانونية‬
     ‫هيجل من ثلاث كيانات‪:‬‬
    ‫أو ًل‪ :‬القانون الدستوري‬                    ‫إلا في كنفها‪.‬‬        ‫والاقتصادية التي تنظم‬
    ‫المنظم للدولة‪ :‬وهو الذي‬     ‫كما أكد هيجل على أن الدولة‬         ‫علاقات الأفراد‪ ،‬وتضمن‬
                                                                   ‫التعاون فيما بينهم‪ ،‬وهو‬
‫يقسم الدولة إلى ثلاثة أقسام‬         ‫لها من القوة والعظمة ما‬     ‫خطوة من خطوات الوصول‬
      ‫وهي‪ :‬سلطة تشريعية‪،‬‬         ‫يجعلها متعالية عن الأفراد‪،‬‬       ‫إلي الدولة ذاتها‪ ،‬فالمجتمع‬

‫وسلطة تنفيذية‪ ،‬وسلطة الملك‬                                            ‫المدني‪ ،‬لا يتم الشعور‬
   ‫أي السلطة الحاكمة‪ ،‬وهى‬                                           ‫بوجوده الحقيقي إلا في‬
                                                                   ‫الدولة التي تجسد ما هو‬
 ‫التي لها الهيمنة النهائية عند‬                                   ‫مطلق‪ ،‬أي الحرية والقانون‬
                    ‫هيجل‪.‬‬                                        ‫والغاية التاريخية في أعظم‬

   ‫ويرفض هيجل مبدأ فصل‬                                                           ‫تجلياتها‪.‬‬
  ‫السلطات؛ لأنه مدمر للدولة‬                                     ‫ويظل المجتمع المدني مجتمع‬
                                                                 ‫المصالح الفردية والمشاريع‬
    ‫‪-‬من وجهة نظره‪ -‬وهذا‬                                          ‫الخصوصية ‪-‬بحسب رأي‬
  ‫بالطبع يخالف رأى كل من‬                                       ‫هيجل‪ -‬أي مجتمع الانقسام‬

     ‫يطالب بفصل السلطات‬
   ‫الثلاث؛ لأن هذا من وجهة‬

     ‫نظرهم يضمن الحريات‬
    ‫وكفالة الحقوق‪ ،‬ويخالف‬
   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151