Page 148 - merit 50
P. 148

‫العـدد ‪50‬‬                                  ‫‪146‬‬

                                                                ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬                               ‫د‪.‬ماهر‬
                                                                                                          ‫عبد المحسن‬
 ‫الجمعيات الفلسفية‬                    ‫هيجل المجتمع‬              ‫وضع‬
 ‫على مستوى الفكرة‬                    ‫المدني في مكانة‬
                                   ‫وسط بين الأسرة‬                   ‫منظمات المجتمع المدني والثقافة‪..‬‬
   ‫تلعب الجمعيات الفلسفية‪،‬‬         ‫والدولة‪ ،‬فهو أكبر‬                    ‫الجمعيات الفلسفية العربية نموذجً ا‬
      ‫كأحد أشكال منظمات‬            ‫من الأولى وأصغر‬
                                   ‫من الأخيرة‪ ،‬غير أنه في هذه‬
  ‫المجتمع المدني‪ ،‬دو ًرا ثقافيًّا‬   ‫المكانة يمكنه أن يلعب دو ًرا‬
  ‫مه ًّما في المجتمع من خلال‬          ‫ممي ًزا في حياة المواطنين‪.‬‬
                                    ‫وإذا كانت منظمات المجتمع‬
    ‫نشر المعرفة والعمل على‬           ‫المدني‪ ،‬من أحزاب ونقابات‬
    ‫إعادة تشكيل الوعي‪ .‬ولما‬
    ‫كانت المجتمعات العربية‬               ‫وجمعيات‪ ،‬هي كيانات‬
    ‫تعاني وعيًا مأزو ًما‪ ،‬فقد‬           ‫اجتماعية يلتف أفرادها‬
‫جاءت المنطلقات النظرية لهذه‬           ‫حول فكرة نبيلة تجمعهم‬
‫الجمعيات متسقة مع الهموم‬             ‫ولا يستهدفون الربح‪ ،‬فإن‬
 ‫المجتمعية الناجمة عن الأمية‬        ‫المنتظر من هذه المنظمات أن‬
 ‫الثقافية والعلمية للمتعلمين‪.‬‬        ‫تحقق أحلام الناس التي لا‬
                                   ‫تحققها الدولة‪ ،‬ولا تقدر على‬
      ‫ومن الأمور اللافتة أن‬
 ‫القائمين على هذه الجمعيات‬                    ‫تحقيقها الأسرة‪.‬‬
                                          ‫ولما كانت الثقافة من‬
     ‫من المشتغلين بالفلسفة‬           ‫الأمور التي لا تنفصل عن‬
     ‫قد أدركوا مؤخ ًرا حجم‬            ‫حياة الإنسان الاجتماعية‬
    ‫الفجوة الكبيرة التي بين‬            ‫والأخلاقية والسياسية‪،‬‬
    ‫الفلسفة من ناحية وبين‬            ‫فكان لزا ًما علينا أن نبحث‬
   ‫المجتمع من ناحية أخرى‪.‬‬            ‫في حقيقة العلاقة التي بين‬
   ‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إنهم‬                ‫الثقافة والمجتمع المدني‪،‬‬
‫أدركوا مسئوليتهم تجاه هذا‬             ‫والتساؤل عن الدور الذي‬
  ‫الصدع الذي جعل الفلسفة‬                ‫يمكن أن تلعبه منظمات‬
   ‫تنكفئ على نفسها وتصنع‬               ‫المجتمع المدني في تثقيف‬
      ‫أسوا ًرا حديدية شائكة‬
   ‫تحول دون تعاطي الرجل‬                             ‫المواطنين‪.‬‬
   ‫العادي والأفكار الفلسفية‬            ‫وفي هذا المقال سنحاول‬
      ‫ذات الصعوبة المنهجية‬           ‫أن نلقي الضوء على طبيعة‬
                                     ‫الدور الذي يمكن أن تلعبه‬
                ‫والمفاهيمية‪.‬‬        ‫الجمعيات الفلسفية العربية‬
 ‫لهذه الأسباب حرصت هذه‬              ‫إزاء الظواهر المجتمعية التي‬
                                     ‫يعيشها المواطن العربي في‬
    ‫الجمعيات على أن تضمن‬              ‫هذا العصر‪ ،‬على مستوى‬
‫أهدافها وبرامجها من المبادئ‬
                                          ‫الفكرة وعلى مستوى‬
    ‫والأفكار ما من شأنه أن‬                          ‫الممارسة‪.‬‬
   ‫يمد جسور التواصل بين‬

      ‫الطرفين‪ ،‬بحيث تتخلى‬
‫الفلسفة عن رؤيتها النخبوية‬

   ‫الفوقية‪ ،‬وتنزل إلى المجال‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153