Page 179 - merit 50
P. 179

‫الملف الثقـافي ‪1 7 7‬‬

‫حنة آرنت‬  ‫جون لوك‬            ‫جون رولز‬                        ‫لوك وروسو وكانط‪ ‬وهيجل‬
                                                               ‫وماركس‪ ‬وتوكفيل‪ ‬وجون‬
 ‫السوق؛ لا يمكن له أن ينمو‬       ‫علاقاتهم مع الآخرين إذا‬
   ‫ويزدهر إلا في ظل وجود‬         ‫عدوها غير مهمة لكونها‬       ‫رولز وسينيت وحنه آرنت‪..‬‬
    ‫دولة المؤسسات المنظمة‬                                                      ‫وغيرهم‪.‬‬
       ‫بالدستور والقانون‪.‬‬            ‫علاقات لا شخصية‪.‬‬
                               ‫والمجتمع الحميم على عكس‬       ‫وفي الحقيقة لم يظهر المجتمع‬
‫وهكذا ورغم تعدد واختلاف‬      ‫تأكيدات‪ ‬أصحابه‪ ،‬هو مجتمع‬        ‫المدني بشكله‪ ‬الأنضج‪ ‬إلا بعد‬
 ‫تعاريف المجتمع المدني فإن‬     ‫فظ؛ لأن الحياة المدنية «هي‬
  ‫معظمها يركز على مقومات‬        ‫النشاط الذي يحمي الناس‬          ‫استقلال المجال السياسي‬
                                ‫من بعضهم بع ًضا‪ ،‬ويتيح‬            ‫عن المجال الديني‪ ،‬وهذا‬
     ‫أساسية يستند إليها في‬
‫وجوده‪ ،‬ويمكن تلخيص أهم‬            ‫لهم مع ذلك أن يتمتعوا‬         ‫هو أهم منجزات العلمانية‬
                                 ‫برفقة الآخر‪ ،‬فالعيش مع‬      ‫الحديثة في العهد الليبرالي‪ ،‬إذ‬
          ‫ركائزها فيما يلي‪:‬‬  ‫الناس لا يستلزم (معرفتهم)‬
   ‫التطوعية‪ :‬وتعني الرغبة‬      ‫ولا يستلزم التأكد من أنهم‬      ‫رأت النظريات الليبرالية أن‬
‫المشتركة لأصحابها بمحض‬        ‫(يعرفونك)‪ ..‬والحياة المدنية‬    ‫المجتمع المدني يستلزم نظا ًما‬
‫إرادتهم الحرة في ظل تعايش‬      ‫تنوجد عندما لا يجعل المرء‬
  ‫واقعي مع ظروف المجتمع‬       ‫من نفسه عبأ على الآخرين»‪.‬‬          ‫قانونيًّا يدافع عن حقوق‬
   ‫المتعين غير مفروضة من‬     ‫وبالخلاصة يمكن لنا التأكيد‬         ‫الملكية الخاصة‪ ..‬فالمجتمع‬
                             ‫على أن المجتمع المدني بوصفه‬
            ‫طرف أي جهة‪.‬‬       ‫مجا ًل للحياة العامة المستقلة‬      ‫المدني هو «عالم المجتمع‬
        ‫التنظيم‪ :‬بمعنى أن‬                                       ‫الذي يقع خارج المؤسسة‬
   ‫مؤسسات المجتمع المدني‬          ‫عن العلاقات السياسية‬         ‫السياسية والإدارية للدولة‬
    ‫أنشئت بموجب القوانين‬        ‫والروابط الشخصية وقيم‬            ‫وخارج قواعدها المنظمة‬
   ‫السائدة في الدولة‪ ،‬والتي‬                                     ‫للاقتصاد‪ ..‬فما يجعل من‬
                                                               ‫مجتمع ما مجتم ًعا (مدنيًّا)‬
                                                               ‫هو أنه الموضع الذي ينظم‬
                                                             ‫فيه الناس أنفسهم بحرية في‬
                                                               ‫جماعات وروابط أصغر أو‬
                                                               ‫أكبر في مستويات متنوعة‬
                                                                ‫بغية الضغط على الهيئات‬

                                                                  ‫الرسمية لسلطة الدولة‬
                                                                  ‫من أجل تبني سياسات‬
                                                                ‫منسجمة مع مصالحها»‪،‬‬
                                                             ‫يقصد تلك الجماعات المدنية‪.‬‬
                                                             ‫ويبين‪ ‬سينيت‪ ‬في كتابه المهم‬
                                                                  ‫(سقوط الإنسان العام)‬
                                                               ‫الفروق الدقيقة بين المجال‬
                                                                  ‫العمومي‪ ‬ومجال الحياة‬
                                                                 ‫العامة (المجتمع المدني)‪،‬‬
                                                             ‫والمجال الشخصي‪ ،‬فالمجتمع‬
                                                             ‫المدني هو مجتمع الغرباء‪ ،‬إذ‬
                                                               ‫إن المجتمع الحميمي يجعل‬
                                                             ‫الحياة المدنية أم ًرا مستحي ًل‪.‬‬
                                                             ‫فالناس لا يستطيعون تطوير‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184