Page 190 - merit 50
P. 190
العـدد 50 188
فبراير ٢٠٢3 أو أداة لإعادة بنائها ،هي تهتم
بوضع تصور أو عدة تصورات
أخرى لها ،أو تهشيم فكرة أن
هناك حقيقة أص ًل ،فكما قلت لك
ساب ًقا“ :الحقيقة سر ذهب مع
من ذهبوا” ،وهي بهذا تصنع
وعيًا آخر للتعامل مع الماضي ،أو
التاريخ الذي تم تقديسه على مدار
الزمن من الجهات المكرسة له.
وفي ظني أن مفهوم الرواية
التاريخية تطور مع الوقت،
وبعد أن كان يركز على الملوك
والسلاطين صار يركز على
البسطاء ،وهي هنا ،أعني الرواية
التاريخية الحديثة ،عبارة عن
سلسلة لربط التاريخ المليء
بالفجوات والقصص المقتطعة
سوا ًء زمنيًّا أو مكانيًّا .وفي ظني
أي ًضا ،أن قيمتها الأساسية لا
تختلف كثي ًرا عن قيمة الكتابة في
المجمل :طرح التساؤلات لكل ما
هو مستقر في أعماقنا وتم توريثه
من جيل إلى آخر .ولنتخذ من
رواية البشموري للكاتبة سلوى
بكر مثا ًل ،فهي ،من وجهة نظري
لا تهتم بحدوتة ثورة البشموريين
التي حدثت في ما ٍض سحيق ،بل
تتخذ تلك القصة وسيلة لنشر
رؤية أشمل كثي ًرا ،ألا وهي
محاولة الوصول لصيغة تنهي
وتتغلب على الصراع بين الأديان.
كذلك وطن الجيب الخلفي ،لم
تكن تهتم بالجالية اليهودية التي
عاشت في جزيرة فيلة في القرن
الخامس ق.م .بل كانت «الحدوتة»
مجرد أداة تنبه إلى دور
الصهيونية في تزييف التاريخ.
في «وطن الجيب الخلفي»