Page 122 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 122

‫العـدد ‪32‬‬  ‫‪120‬‬

                                                    ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

‫أحب الأطفال وأتجنب سكان منطقتي وهم يحذرون‬                                                   ‫‪ -‬عف ًوا!‬
‫مني‪ ،‬همس معز أن هناك فتاة في الخارج تنتظرني‪،‬‬            ‫‪ -‬صارت امرأتي وكانت سعيدة بذلك‪ ،‬لم أرها‬
                                                        ‫بهذه السعادة سوى وهي في حضني‪ ،‬لكن أبي‬
        ‫تبعته أمام نظرات أمي المرتابة‪ ،‬أبي لم يكن‬    ‫أغلق المحل‪ ،‬وحاول أن يدفعني نحو طريق التعافي‪،‬‬
  ‫موجو ًدا‪ ،‬وجدتها على الناصية محتضنة حقيبتها‪،‬‬      ‫بعدت عن سلوى‪ ،‬لم تكن أنثاي الوحيدة لكنني كنت‬
                                                       ‫اشتاق إليها‪ ،‬وكل ما كان يستحوذ على عقلي هو‬
                      ‫ما إن رأتني حتى صرخت‪:‬‬
                           ‫‪ -‬انقذني يا إسماعيل‪.‬‬                              ‫ضياع تجارتي وأموالي‪.‬‬
                               ‫‪ -‬سلوى‪ ،‬ما ب ِك؟‬        ‫‪ -‬كيف حدث‪ ،‬هل سمحت أن تحكي بالتفصيل؟‬
                                                        ‫‪ -‬أخي صلاح كان مهند ًسا في شركة البترول‪،‬‬
  ‫‪ -‬أريد الجرعة وأريدك‪ ،‬كيف تعاش الحياة هكذا؟‬
                  ‫‪ -‬اهدائي حتى تمر هذه الفترة‪.‬‬           ‫حقق ما رسم له منذ الصغر‪ ،‬الدراسة طريقه‪،‬‬
                                        ‫‪ -‬متى؟‬         ‫وكان يرى في الأفق نفسه عظي ًما ومؤث ًرا‪ ،‬كرمت‬
                    ‫‪ -‬لا أعرف متى لكنها ستمر‪.‬‬       ‫والدتي في المدرسة التي التحق بها كأم مثالية له في‬
                  ‫‪ -‬ستمر على عنقي أليس كذلك؟‬         ‫مرحلتيه الابتدائية والإعدادية‪ ،‬وهي ذاتها أم لمدمن‬
                                                    ‫تاجر مخدرات‪ ،‬يالسخرية القدر‪ ،‬حتى سليمان أخي‬
  ‫‪ -‬تعرفين منة‪ ،‬اذهبي إليها يا سلوى ستساعدك‪.‬‬        ‫الأوسط عمل في شركة البترول مع صلاح‪ ،‬الأخوان‬
                               ‫‪ -‬منة بكم الليلة؟‬    ‫العجيبان أحدهما مهندس وصار من أعضاء مجلس‬
                                         ‫‪ -‬هي‪.‬‬       ‫الإدارة‪ ،‬وأخوه ميكانيكي يصاحب العمال‪ ،‬كلاهما‬

                ‫‪ -‬أجننت؟ ترسلني لتلك الساقطة؟‬           ‫را ٍض وسعيد‪ ،‬أنا لم أعرف الرضا يو ًما‪ ،‬داخلي‬
                        ‫‪ -‬لا تختلفين عنها كثي ًرا‪.‬‬       ‫جوع لا يشبع للمال‪ ،‬وشعور بالدونية‪ ،‬عندما‬
                       ‫‪ -‬أنا زوجتك يا إسماعيل‪.‬‬           ‫يسري المخدر بداخلي أراني أعظم من صلاح‪..‬‬
                                                       ‫محل ًقا فوق رؤوس الجميع‪ ،‬وأملك العالم بأكمله‬
     ‫‪ -‬وهي صديقتي يا سلوى‪ ،‬لا دا ٍع للبكاء‪ ،‬أن ِت‬      ‫بجنته وناره‪ ،‬تحدث أبي مع صلاح وسليمان في‬
  ‫زوجتي وحبيبتي لكن ليس بيدي شيء الآن‪ ،‬فقط‬            ‫شأني‪ ،‬أجلسوني أمامهم‪ ،‬أمي تبكي وأبي يصرخ‬
‫دعيني أستعيد ثقة عائلتي مرة أخرى‪ ..‬ودا ًعا الآن‪.‬‬
  ‫خبأت وجهها بمنديل ورقي ابتل سري ًعا بدموعها‬              ‫وسليمان يقضم أظفاره وصلاح يهز ركبته‬
                                                     ‫اليسرى بإيقاع لا يتغير‪ ،‬أحبهم ولا أنكر‪ ،‬جميعهم‬
                                       ‫المنهمرة‪.‬‬
 ‫اقترح عليَّ أبي أن أعمل بالإسكندرية‪ ،‬كان يريد أن‬      ‫توسلوا لي‪ ،‬أمي قبلت رأسي ودعت لي بالهداية‪،‬‬
  ‫يبعدني عن عالمي القديم‪ ،‬لم يكن يدرك أنه بدمي‪.‬‬         ‫أبي طلب مني الوضوء وأن أقسم على المصحف‬
                                                        ‫بترك كل شيء‪ ،‬صلاح وعدن بمساعدتي بالمال‬
                               ‫‪ -‬وسافرت ح ًقا؟‬        ‫حتى أجد عم ًل‪ ،‬أو يتوسط لي حتى أعمل عند أحد‬
          ‫سألته وأنا ابتلع ملعقة من الآيس كريم‪.‬‬      ‫معارفه‪ ،‬لكنني لم أجب‪ ،‬فاقترح سليمان بضرورة‬
 ‫‪ -‬نعم‪ ،‬ولكن قبل أن أسافر التقيت بمنة وحدثتني‬         ‫علاجي واحتجازي في مصحة لعلاج الإدمان‪ ،‬هنا‬
‫عن مقابلتها بسلوى وكيف أنها أرسلتها لمنعم تاجر‬      ‫ثرت لأنني لم أرغب ح ًّقا في التعافي والبدء في طريق‬
    ‫شاب جديد في المجال‪ ،‬احترفت منة القوادة بعد‬      ‫آخر‪ ،‬قلت إنني أتعاطى بشكل خفيف ولست مدمنًا‪،‬‬
  ‫تسربها من التعليم والمعهد‪ ،‬وكونت ثروة ضخمة‬          ‫وحتى أثبت زعمي بقيت في المنزل ولم أعد لمنطقة‬
‫تكاد تفوق ثروة والدها‪ ،‬لكنها لم تسلم جسدها لأي‬      ‫محل الكي الذي أغلقه أبي‪ ،‬ولم يفتح مجد ًدا خاصة‬
 ‫رجل‪ ،‬أخبرتني أن سلوى لم تستغرق دقائق في يد‬         ‫مع انتشار المكواه في كل المنازل‪ ،‬بحثت سلوى عني‬
  ‫منعم‪ ،‬وأنه استمتع معها ج ًّدا وامتدح ترشيحاتها‬    ‫وعرفت ما حدث وأتت لزيارتي‪ ،‬في أحد الصباحات‬
     ‫في الفترة الأخيرة ودفع بسخاء‪ ،‬كنت أسمعها‬           ‫المتوترة دخل معز ابن بائعة الخضروات منزلنا‬
   ‫والمخدر يسكن آلامي ويجعل جسدي يسترخي‪،‬‬            ‫وطلب مقابلتي‪ ،‬أدخلته أمي مع استغرابها‪ ،‬لأنني لا‬
  ‫زفيري كان دافئًا بسحب دخاني‪ ،‬شعرت بالراحة‬
   ‫لأن سلوى لم تعد معلقة بي‪ ،‬وأنها سلكت طري ًقا‬
        ‫بعي ًدا عني‪ ،‬أغمضت عين َّي وحلقت مرتف ًعا‪.‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127