Page 124 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 124
العـدد 32 122
أغسطس ٢٠٢1
-وماذا دفعك لتخبرني بكل ذلك؟ -اتصل سليمان وطلب مني العودة فو ًرا لأن أمي
-لم أنجب ،استمر زواجي عشر سنوات ،لا عيب ماتت ،شعرت أنه عقابي على وجه التحديد ،ماتت
بي أو بمريم ،وأخي ًرا جاء نور ابني الأول له أسبوع أمي بمرض والدة سلوى ،إنني أعيش أوجاعها من
جديد ،وفاة أمي وتخلي علا عني بذات الخسة التي
في الدنيا و.. تخليت عنها بها ،فقد أبي نظره وانسحبت روحي
-جميل ج ًدا ،تبارك الوهاب وبورك الموهوب.
-لو سمح ِتُ ،كفي عن مقاطعتي ،نور لديه مشاكل مني سحبًا ،أخبرت صلاح وسليمان برغبتي
صحية كبيرة ،وضع في الحضانة منذ ولادته، الحقيقية في التعافي وترك هذا الطريق ،سافرا معي
أشعر أنه ذنب طفل سلوى الذي قتله طيشي
إلى القاهرة وأودعاني بمصحة لعلاج الإدمان،
وأنانيتي. بكيت في حضنهما عند الوداع ،لم أفعل شيئًا سوى
وعاد إلى البكاء. البكاء والدعاء لله أن يخرجني وينقذني من نفسي،
-لا أريد أن تعاقب مريم بسببي فهي لا تستحق،
عرفتني معال ًجا في أحد المؤتمرات الطبية لكنني ولزمت الاستغفار والصلاة على رسول الله ،لم
وقعت في حبها وأخبرتها بكل شيء ،ضمتني أصرخ في مرحلة الانسحاب ،أشعر وكأن جسدي
وغفرت ،دافعت عني أمام أهلها حتى تم زواجنا، ليس مني وروحي هناك محلقة مع الله ،وكلما بكيت
كان أكبر أحلامها أن تنجب مني ،وها نحن نكاد
أن نفقد طفلنا ،ربما الاعتراف والتطهر ينقذه ،ربما تخففت حتى تعافيت وخرجت.
يهتدي أحدهم بقصتي ،أرجو ِك أن تكتبي عني ،ما تنهد وشرب الماء ونظر نحو النيل بابتسامة مجد ًدا،
أسوأ أن العقاب الخاص بك يلحق بمن أحببتهم
فقاطعت شروده بقولي:
دون ذنب. -ثم ماذا؟
وضع رأسه على الطاولة فوق كفيه المضمومتين
وصمتنا ،فقط تأتينا حركة الجالسين في الكافيه -التحقت بكورسات مكثفة عن التعافي وصرت
والعالمين به ،لكن هاتفه رن بصوت عا ٍل ،أجاب: معال ًجا في المصحة نفسها ،بسبب حماسي رشحتني
-نعم يا مريم ،ليس معقو ًل ،الحمد لله ..الحمد لله. المصحة لفرص أكبر ،وسافرت إلى الولايات المتحدة
الأمريكية وحصلت على شهادات معتمدة في التعافي
أسعدتني بهجة صوته ،أغلق الخط وصاح:
-الثقب الموجود بقلب نور بدأ في الالتئام من تلقاء من الأدمان وحققت نجا ًحا كبي ًرا ،تزوجت مريم
نفسه يا تيسير ،اللهم يسر أمرنا يا الله ،الحمد لله، طبيبة أسنان ،وتوفى أبي بعدما أخبرني برضاه
الحمد لله عني وفخره بي وأنه نسي كل ما مر ،أفضل
الأوقات التي أعيشها مع أبناء أخوتي الصغار
وهم يقولون دكتور إسماعيل هذا عمنا ،لم أعد
أشعر بالدونية يا تيسير ،أشعر بالحزن على سلوى
والشفقة على علا.