Page 129 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 129

‫‪127‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

                                    ‫سلوى فاروق‬

           ‫الإسلام والعلم‪..‬‬
     ‫علاقة تكامل أم صراع!‬

   ‫بيد أن علاقة الدين والعلم في‬         ‫إلى العالم نظرة دينية وعلمية‬          ‫المقدمة‬
  ‫هذه الحضارات لم تكن علاقة‬                ‫في آن واحد؛ نظرة دينية‪،‬‬
 ‫تصارع‪ ،‬كان العلم‪ ،‬وكان الدين‬                                         ‫الناظر متأم ًل إلى واقعنا‪ ،‬يرى‬
 ‫أي ًضا‪ ،‬وكلاهما لم يوقف تطور‬          ‫لأنهم كانوا يفسرون الظواهر‬
‫الآخر‪ ،‬ولم يكن العلم تاب ًعا للدين‬  ‫الطبيعية وينسبونها للإله‪ ،‬فمث ًل‬      ‫أن الدين مسيطر على حياتنا‪،‬‬
‫ولم يكن الدين مه َّم ًشا‪ .‬فإذا كان‬                                       ‫فننفق مليارات على مؤسسات‬
‫تدخل الدين في حياتنا من شأنه‬            ‫العواصف والأمطار المسئول‬      ‫دينية‪ ،‬وننص في الدستور على أن‬
  ‫أن يخنق التطور فلما لم يخنق‬       ‫عنهما الإله أدد عند حضارة بلاد‬    ‫الدولة لها دين! وعندنا دار إفتاء‬
   ‫الدين تطورهم وخنق تطورنا‬          ‫الرافدين‪ ،‬سين إله القمر‪ ،‬وأوتو‬      ‫نأخذ برأيها قبل تشريع كثير‬
                                                                          ‫من القوانين‪ ،‬ونعطل عمليات‬
                         ‫نحن؟‬           ‫إله الشمس عند السومريين‪،‬‬         ‫زرع الأعضاء بسبب الفتاوى‪.‬‬
 ‫صنف د‪ .‬على الوردي الدين إلى‬         ‫نيدابا هي ربه الخضرة والكتابة‬       ‫هذه السيطرة الدينية متوازية‬
‫نوعين «الدين الكهاني» و»الدين‬                                           ‫مع تخلفنا الحضاري‪ ،‬فهل هذا‬
  ‫النبوي»‪ ،‬ويحضرني قوله عن‬              ‫البابلية الأكدية وإله الحبوب‬      ‫بسبب طبيعة الدين أم بسبب‬
                                    ‫والقصب‪ ،‬وعند المصريين القدماء‬         ‫فهمنا له؟ هل لأن الدول التي‬
   ‫الدين الكهاني إنه هو‪« :‬الدين‬                                         ‫تتقدم يجب أن تنهي الدين من‬
 ‫الذي ليس له مؤسس‪ ،‬بل ينشأ‬            ‫نبري إله الحصاد وسخت ربة‬         ‫حياتها تما ًما أم نحن من نتعامل‬
                                    ‫الحقول وإيزيس ربه القمر وعند‬       ‫مع الدين بشكل خاطئ ونضعه‬
      ‫تلقائيًّا حيث يبتدعه العامة‬
 ‫تدريجيًّا حسب تطور حاجاتهم‬              ‫الإغريق أبوللو إله الشمس‪.‬‬                      ‫في غير محله؟‬
                                        ‫ونظرتهم العلمية تجاه الكون‬     ‫عندما نتأمل الحضارات القديمة‬
      ‫النفسية والاجتماعية»‪ ،‬أما‬      ‫الشاهد عليها حضارتهم‪ ،‬فكيف‬
 ‫الدين النبوي فأمره يختلف كل‬        ‫ُتبنى المعابد والأهرامات وتتطور‬         ‫يتضح أنهم كانوا ينظرون‬
 ‫الاختلاف‪ ،‬وقد وصفه الوردي‬          ‫الصناعات ومعرفة الفلك وغيرها‬

                                          ‫إلا بمعرفة قوانين الطبيعة‬
                                                       ‫والعمل بها؟!‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134