Page 130 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 130
العـدد 32 128
أغسطس ٢٠٢1
عندما نقلها إلى العربية في مجلة لنا (ألبرت) من سكسونيا بأنه «دين ثوري» إذ يأتي به نبي
المقتطف( )2ثم نشرها في كتابه القرن 14أسقف ألماني ساعد من أجل إصلاح الأحوال الفاسدة
فلسفة النشوء والارتقاء ،طب ًعا في مفهوم النظرية التي كانت
هاجت الدنيا عليه ،وهنا نري مقدمة لفهم النظرية الحديثة، في المجتمع(.)1
الأصولية المسيحية والأصولية أتفق مع تقسيمة د .على الوردي
الإسلامية آخذين الموقف ذاته، العالم البيرتوس ماغنوس
فهنا القس جيمس أنس مدير اكتشف عنصر الزرنيخ عام وأرى بها إجابة على السؤال
مدرسة اللاهوت في بيروت 1250كان راهبًا من رهبنة السابق ،فدين القدماء كان دين
يقول داروين كافر ملحد لا الدومنيكان ،وبعد انتهاء العصور كهاني ،أي يتبع تطور وحاجات
يؤمن بالمسيح ،ويقول جمال الوسطي راعت الكنيسة العلم
ووجد رهبان علماء كالعالم الناس ،لذا لم يجمدهم نص،
الدين الأفغاني «في رأس القائلين مندل الراهب النمساوي الذي يحاولون تأويل الواقع ليتوافق
بمذهب النشوء والارتقاء وألف يعتبر رائ ًدا في مجال علم الوراثة
فيه دارون كتا ًبا في بيان أن مع النص ،بل بالعكس هم
الإنسان كان قر ًدا ثم عرض له .1884 -1822 منشغلون بالواقع وبمعرفته وفك
بالتنقيح والتهذيب في صورته هذا من جانب ،أما الجانب المغاير لغزه ،ومن ثم يأتي دين متوافق
بالتدريج على تتالي القرون
وبتأثير من العوامل الطبيعية ففي عام 1600عوقب برونو بطبيعة الحال مع حالتهم ،ولا
الخارجية حتى ارتقت إلى برزخ من محاكم التفتيش بالموت يتم تعطيل المعاني المستخلصة
(أوران أوتان) ثم ارتقى من تلك حر ًقا في روما بسبب آرائه
من مشاهدات الواقع بسبب
الصورة إلى مراتب الإنسانية»(.)3 الفلسفية واللاهوتية المغايرة المقدس .أما الدين النبوي فهو
هنا تتحد الأصوليات الدينية، لتعاليم الكنيسة ،وأحرقوا كتب دين له مؤسس وله نص مقدس
وهي التي قد تضمر العداء كوبرنيكس وحاكموا جاليليو. ثابت والحياة تتطور ،فإذا كانت
لبعضها البعض ،لكنها في لماذا هذا التناقض؟ الحقيقة ليس العقليات التي تتعامل مع النص
هناك تناقض ،فعندما خ َّرجت الثابت تريد أن تطبقه حرفيًّا
صراعها ضد العلم يد واحدة؟! على الواقع المتغير فشيمة النص
يقول شبلي شميل «إن مذهب الكنيسة كل هؤلاء العلماء خنق التطور؛ لأن طبيعة النص
داروين بسيط ج ًّدا ويقدر على خ َّرجتهم لأنها كانت مسيطرة الثابت يصعب أن تطبق على واقع
بالدين على الحياة وعلي العلم، متغير ،وهذا جعل الدين يتصادم
كل إنسان أن يدركه إذا نظر إلى أما عندما يخرج العلم بنظرية مع العلم ،ولم يسيطر الدين على
الأشياء كما تعرض له وتأملها مختلفة أو يقول عالم ما لا يروق العلم إلا وتعطل تطور الثاني.
لعقلية رجل الدين ،فهنا تظهر وتجربة العصور الوسطي خير
بعين العقل التي لا يشوبها الأصولية المعطلة دو ًما للتطور. دليل على ذلك ،كانت للكنيسة
كدورة سبق الاقتناع ،وإنا نعجب في ثقافتنا العربية الإسلامية سلطة ونفوذ كبير في المجتمعات
الأوروبية ،وكان موقف الكنيسة
من أولئك الذين يشقون حجب تجارب مماثله في اضطهاد من العلم موقف متناقض ،فمث ًل
الغيب بقوه عقلهم ويدركون ما وتكفير العلماء ،جابر ابن حيان أنشئت أول جامعة سنه 1088
وراءها من الأسرار ،كيف أنهم
وابن سينا وابن النفيس وابن (جامعة بولونيا) بإيطاليا،
لا يقدرون على إدراك ما هو رشد وغيرهم .وأصبح موقفنا وكانت تبني مدارس بجانب
أمامهم وواقع تحت حواسهم من الاتفاق مع نظرية علمية أو الكاتدرئية تعرف باسم مدارس
رفضها يتحدد حسب مواءمتها الكاتدرائية ،وكان لها دور كبير
كما هو حقيقة»(.)4 للدين .ونظرية التطور خير دليل. في نشر العلم ،من أشهرها
خطورة النظرية تكمن في أنها فلقد تعرف العالم العربي لأول مدرسة كاتدرائية شارترعام
ستأخذنا من طريق الغيبيات ،1145غير أن الكنائس والأديرة
الذي هو طريق الدين إلى طريق مرة على نظرية التطور من راعت العلماء والعلم فأخرجت
الفحص والتمحيص والشواهد المفكر اللبنانى (شبلي شميل)