Page 132 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 132

‫العـدد ‪32‬‬                       ‫‪130‬‬

                                    ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

‫مئوية ولم تصل للغليان أصبحت‬         ‫وضح هذه المقولة د‪ .‬زكي نجيب‬          ‫بمنهجية علمية وإنتاج المعرفة‬
 ‫نظرية باطلة‪ ،‬هكذا هو العلم‪ ،‬أن‬       ‫محمود بقوله «العلامة الفارقة‬        ‫هذا ما نقول له العلم وليست‬
                                      ‫والفاصلة بين ما هو علم وبين‬     ‫المعرفة المبنية على المعلومات‪ ،‬ولو‬
   ‫توضع نظرية بمنهجية علمية‬                                              ‫كانت كثرة المعلومات وحفظها‬
      ‫قابلة للتكذيب‪ ،‬أما غير هذا‬    ‫ما هو غير علم هي قابلية الحكم‬
     ‫فليس عل ًما‪ .‬يمكنك أن تؤمن‬     ‫للصواب والخطأ‪ ،‬فإذا كان القول‬           ‫هي العلم إذن فالطير الذي‬
                                    ‫يمكن أن يوصف بأنه صواب أو‬         ‫يعرف كيف يبني ع ًّشا فهو عالم‪.‬‬
 ‫بالأشباح‪ ،‬وتؤمن بالجنة والنار‬      ‫خطأ فإنه يدرج في مجال المعرفة‬     ‫لقد لخص فيلسوف العلم «كارل‬
  ‫وتؤمن أن الله سيغفر خطاياك‬                                          ‫بوبر» العلم بمقولته «العلم هو ما‬
   ‫إذا سبحت ثلا ًثا وثلاثين مرة‪،‬‬     ‫العلمية‪ ،‬مثل قولنا الأرض فيها‬    ‫يقبل التكذيب»‪ .‬لجأ بوبر إلى مبدأ‬
‫ولكن لا يمكن أن يكون هذا عل ًما‬        ‫بترول‪ ،‬أما إذا كان القول مما‬
   ‫لأننا غير قادرين على اختباره‬        ‫يستحيل وصفه بالصواب أو‬             ‫التكذيب كمعيار للعلم‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫بمنهجية علمية‪ ،‬فكيف نتحقق من‬              ‫الخطأ إلا على قائله الوحيد‬   ‫«ولكنني بكل يقين سأسمح بأن‬
  ‫هذا الإيمان؟ وما الوسيلة التي‬       ‫الذي يزعم له الصدق دون أن‬
‫ستعرضه للبطلان لتعلم حقيقته؟‬             ‫يستطيع الآخرون مراجعته‬         ‫يكون النسق إمبريقيًّا أو علميًّا‬
‫فلا يوجد لدينا تليسكوب نشاهد‬           ‫مثل القول هذه الأرض محببه‬        ‫فقط إذا كان قاب ًل للاختبار عن‬
   ‫به الجنة أو النار‪ ،‬إن هذا ليس‬       ‫إلى نفسى»‪ .‬أي عند ادعاء أي‬      ‫طريق الخبرة‪ ،‬وهذه الاعتبارات‬
‫موضو ًعا للعلم؛ لأننا لا نستطيع‬                                          ‫تقترح علينا أنها ليست قابلية‬
                                     ‫نظرية يجب أن يكون الباحثون‬
      ‫تطبيق منهجية العلم عليه‪.‬‬        ‫أو العلماء قادرين على بطلانها‪،‬‬       ‫التحقيق وإنما قابلية تكذيب‬
                                    ‫فإذا صمدت النظرية أمام حالات‬         ‫النسق هي ما يمكن أن نأخذه‬
  ‫ب‪ -‬سمات التفكير‬                    ‫البطلان تصبح صحيحة إلى أن‬          ‫كمعيار للتميز‪ ،‬وبكلمات أخرى‬
        ‫العلمي‬                         ‫تأتي نظرية أخري تكون أكثر‬
                                                                            ‫فإنني لن أطلب من النسق‬
   ‫للتفكير العلمي سمات محددة‬                                ‫شمو ًل‪.‬‬     ‫العلمي أن يكون قاب ًل للإشارة‬
‫تميزه عن التفكير الخرافي صنفها‬           ‫عندما نتحدث عن أن درجة‬
                                         ‫غليان المياة عند ‪ 100‬درجة‬         ‫إليه بمعني إيجابي‪ ،‬ولكنني‬
   ‫د‪.‬فؤاد زكريا في كتاب التفكير‬          ‫مئوية فهذه الحقيقة عرضة‬             ‫سأطلب أن تكون صورته‬
 ‫العلمي وهي التراكمية‪ ،‬التنظيم‪،‬‬        ‫لأن نختبرها ويمكن أن نثبت‬
  ‫البحث عن الأسباب‪ ،‬الشمولية‬            ‫بطلانها‪ ،‬فإذا وصلت جرارة‬       ‫المنطقية مما يمكن أن يشار إليه‬
                                          ‫المياه إلى درجة ‪ 100‬درجة‬       ‫عن طريق الاختبارات المنطقية‬
     ‫واليقين‪ ،‬الدقة والتجريد(‪.)7‬‬                                          ‫بمعني سلبي يجب أن يكون‬
      ‫أ‪-‬التراكمية‪« :‬العالم لا يبدأ‬                                       ‫ممكنًا بالنسبة لنسق إمبريقي‬
  ‫من أول الشوط‬                                                            ‫علمي أن يرفض بالخبرة»(‪.)6‬‬
     ‫كالفيلسوف»‬
    ‫د‪.‬فؤاد زكريا‪.‬‬
‫يأتي عالم بنظرية‬
     ‫ويأتي بأدلة‬
‫ويدحضها العلماء‬
 ‫وتصمد أمام هذا‬
   ‫الدحض فيعمل‬
‫بها‪ ،‬ثم يأتي آخر‬
 ‫يوسع دائرة هذه‬
 ‫النظرية ويضيف‬
 ‫أو يعدل فيها‪ ،‬ثم‬
   ‫يحاول العلماء‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137