Page 123 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 123

‫‪121‬‬                                                       ‫ودعت عائلتي وطلبت عدم مرافقة أحدهم لي‬
                                                        ‫وحملت حقيبتي وحافظة نقودي الممتلئة بالمال‪،‬‬
    ‫الهوى‪ ،‬وأحيا ًنا يدعوني المعلم رضا على المقاهي‬   ‫بعد تصفية حساباتي مع التجار الكبار ومساعدة‬
     ‫وقلي ًل في المنزل‪ ،‬تبناني رضا وجعلني تلميذه‪،‬‬   ‫عائلتي‪ ،‬مضيت نحو موقف الأوتوبيسات‪ ،‬خرجت‬
 ‫أعجب بطموحي المستعر‪ ،‬فهو لم ينجب ذك ًرا‪ ،‬لديه‬      ‫لي سلوى فجأة هكذا‪ ،‬كانت تبكي‪ ،‬منهارة أكثر مما‬
     ‫عشرة من الإناث ما بين متزوجات حتى طفلة‬
  ‫في المرحلة الابتدائية مع طليقته قبل قبل الأخيرة‪،‬‬             ‫مضى‪ ،‬اقترب ُت منها وسألتها ما حدث‪:‬‬
  ‫لأنه صار يشترط عدم إنجاب زوجاته الحديثات‪،‬‬                                 ‫‪ -‬أنا حامل يا إسماعيل‪.‬‬
  ‫وكانت علا منهن وقد طلقها في نهاية الأمر‪ ،‬فأتت‬                                    ‫‪ -‬حامل من من؟‬
 ‫إلى غرفتي باكية ولم تخرج ورغبت في الزواج منها‬
   ‫ح ًّقا‪ ،‬وقعت في شباك أمن الدولة واخترت الأكثر‬                         ‫‪ -‬منك‪ ،‬لم يمسسني سواك‪.‬‬
    ‫أما ًنا لي وهو أن أصير مرش ًدا لهم وطوع يدهم‬                                         ‫‪ -‬ومنعم؟‬
  ‫وأكبر تحت نظرهم بد ًل من أن يدهسوني‪ ،‬سلمت‬
  ‫رقاب الجميع حتى المعلم رضا لأنه تعملق وصار‬         ‫‪ -‬بالله عليك ارحمني‪ ،‬أنت تظلمني‪ ،‬فقط تزوجني‬
   ‫وجوده يؤرق الأمن ذاته‪ ،‬زادت ثروتي بشكل لم‬                            ‫واعترف بالجنين ثم اتركني‪.‬‬
    ‫أتخيله‪ ،‬اتصلت بي منة وأخبرتني أن سلوى قد‬
  ‫انتحرت وهي تبكي! نعم منة كانت تبكي‪ ،‬حاولت‬                       ‫‪ -‬اطلبي هذا الأمر من والد الجنين‪.‬‬
‫أن أفهم فاعترفت أن منعم لم يمس سلوى والجنين‬                             ‫‪ -‬أبي سيقتلني يا إسماعيل‪.‬‬
   ‫الذي كانت تحمله من ظهري‪ ،‬وأنها كذبت بسبب‬                                   ‫‪ -‬وأين كان قبل ذلك؟‬
    ‫غيرتها من نقاء سلوى‪ ،‬ولم تكت ِف بسقوطها في‬
   ‫الأدمان‪ ،‬سألتها عن سبب يقظة ضميرها‪ ،‬فقالت‬         ‫‪ -‬أنت تعرف كل شيء‪ ،‬استحلفك بأي غا ٍل لديك‪.‬‬
 ‫إن أختها الأقرب لقلبها التي كانت تنصحها بالتوبة‬    ‫دفعتها من طريقي وركبت الأتوبيس‪ ،‬آخر ما رأيته‬
‫والبعد عن هذا الجحيم توفيت دون سبب‪ ،‬وشعرت‬
 ‫بدنو أجلها وتعتذر لي عن فعلتها‪ ،‬كما أنها اعتزلت‬                ‫قبل السفر‪ ،‬اهتزاز جسدها مع البكاء‪.‬‬
 ‫أعمالها المشينة وتريد أن تلتقي ربها بأقل قدر من‬       ‫كان يبكي لي هذا الغريب‪ ،‬سقطت دموعه‪ ،‬أدرت‬
    ‫الدنس‪ ،‬لحظتها شعرت بالشوق إلى حضن أبي‬
                                                         ‫وجهي عنه‪ ،‬قدمت له مندي ًل‪ ،‬مرره على عينيه‬
                       ‫وأمي‪ ،‬وسافرت في الحال‪.‬‬                        ‫المنكسرة الباكية‪ ،‬فبادرته قائلة‪:‬‬
        ‫كانت أمي مريضة ولم يرغبوا في إزعاجي‪،‬‬
 ‫احتضنتها على سريرها وقبلت جبينها وسألت لماذا‬               ‫‪ -‬يكفي يا إسماعيل‪ ،‬سأكتب القصة بهذه‬
   ‫لا نذهب إلى الطبيب؟ فقال سليمان إنهم بانتظار‬                                          ‫المعلومات‪.‬‬

                  ‫نتيجة التحاليل والأشعة بالفعل‪.‬‬                                     ‫‪ -‬لا‪ ،‬سأكمل‪.‬‬
    ‫كانت أنفاسه تتلاحق وصدره يعلو ويهبط‪ ،‬لقد‬         ‫أشار إلى النادل الذي أتى سري ًعا‪ ،‬هل كان يراقبنا‬
     ‫استرجع كل ما حدث كأنه يعيشه مرة أخرى‪.‬‬          ‫كما ظننت‪ ،‬طلب ماء من الحنفية‪ ،‬وسألني هل أريد‬
                                                     ‫شيئًا‪ ،‬فشكرته ولم أطلب‪ ،‬شرب الماء دفعة واحدة‬
        ‫‪ -‬ظهرت النتيجة واكتشفنا أن أمي مصابة‬
      ‫بسرطان في الكبد‪ ،‬وهناك أمل ضعيف لتنجو‬                                          ‫وأكمل حديثه‪.‬‬
  ‫بحياتها إن تم زراعة كبد آخر‪ ،‬وهذه عملية مكلفة‬         ‫‪ -‬قبل سفري التقيت بالمعلم أبو دومة‪ ،‬هيأ لي‬
 ‫ج ًّدا‪ ،‬فكرت في أموالي والبضاعة الموجودة مع علا‪،‬‬        ‫كل شيء وأوصى المعلم رضا في الإسكندرية‬
 ‫كانت معاونتي‪ ،‬سافرت لها على الفور وتركتهم في‬        ‫حتى يوفر لي البضاعة التي سأحتاجها في المنطقة‬
 ‫صراخهم ودموعهم‪ ،‬تخيلي‪ ..‬علا هربت بكل شيء!‬            ‫الجديدة‪ ،‬لأن السفر بالبضاعة يعرضني للخطر‪،‬‬
    ‫بكى مجد ًدا‪ ،‬ولم أجد ما أقوله‪ ،‬فأعفاني من هذا‬         ‫بالفعل وصلت إلى الإسكندرية وتمت الأمور‬
                                                        ‫كما رسمنا لها‪ ،‬كان المعلم رضا رج ًل مزوا ًجا‬
                                   ‫العذاب وقال‪:‬‬       ‫يبدل النساء كالثياب‪ ،‬رأيت علا زوجته الحديثة‪،‬‬
                                                     ‫كانت شهية وأعجبت بها ونظراتها لي كانت تشي‬
                                                    ‫بالإعجاب أي ًضا‪ .‬في العلن صرت تاجر سجائر وفي‬
                                                    ‫السر كنت تاجر مخدرات‪ ،‬استأجرت غرفة صغيرة‬
                                                       ‫على سطح عمارة عريقة‪ ،‬أقضي ليلي مع بائعات‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128