Page 157 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 157

‫حول العالم ‪1 5 5‬‬

‫بيتر هاتندي‬  ‫بيتر أكينولا‬       ‫ديزموند توتو‬                    ‫المؤسسات الدينية والدولة‪.‬‬
                                                               ‫إ َّن مصدر المشكلة كما تتمثَّل‬
‫وصف قانو ًنا برلمانيًّا يعاقب‬        ‫على القانون الإنجليزي‬     ‫في أكينولا‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
     ‫المرتدين بأنه مو َّجه إلى‬        ‫المحافظ‪ ،‬ص َّرح هنري‬     ‫هي أ َّن أولئك الذين يعتقدون‬
                                    ‫دي براكتون ‪Henry de‬‬        ‫في عصمة النصوص الدينية‬
 ‫أشخاص «استقوا تعليمهم‬             ‫‪ ،Bracton‬في خمسينيات‬
      ‫من الدين المسيحي أو‬            ‫القرن الثالث عشر‪ ،‬بأن‬        ‫غالبًا ما يجدون صعوبة‪،‬‬
                                   ‫المرتدين يجب أ ْن ُيحرقوا‬        ‫إ ْن لم يكن استحالة‪ ،‬في‬
 ‫اشتغلوا به»‪ ،‬لكنهم َش َرعوا‬        ‫حتى الموت(‪ .)11‬وبالفعل‪،‬‬
 ‫لاح ًقا في انكاره أو الإيحاء‬     ‫ت ّم حرق ش َّماس «ارت ّد عن‬     ‫التسامح مع أولئك الذين‬
                                  ‫المسيحية إلى اليهودية(‪»)12‬‬       ‫ينكرون أو يش ِّككون في‬
     ‫بأن الكتب المق َّدسة هي‬        ‫بأمر مباشر من أسقفه‪.‬‬         ‫فهمهم للحقيقة الدينية‪ ،‬لا‬
    ‫شيء آخر غير الصوت‬           ‫حدث ذلك دون استعانة بأ ّي‬         ‫سيَّما عندما يكون هؤلاء‬
    ‫الأصيل للسلطة الإلهية‪.‬‬          ‫قانون برلماني‪ .‬فالقانون‬      ‫المنكرون والمش ِّككون ِم َمن‬
    ‫بحسب بلاكستون‪ ،‬كان‬                ‫العام الإنجليزي ين ّص‬        ‫كانوا في وقت لاحق من‬
‫ُينظر إلى الشخص الموصوم‬            ‫على حرق الزنادقة‪ ،‬وكان‬       ‫أتباع التعاليم الدينية المع َلنة‬
     ‫بالارتداد باعتباره غير‬        ‫ذلك كافيًا(‪ .)13‬عندما كتب‬     ‫في تلك النصوص‪ .‬غالبًا ما‬
‫موضع ثقة؛ الأمر الذي كان‬         ‫ويليام بلاكستون ‪William‬‬           ‫يت ّم تبرير ر ّد الفعل ضد‬
 ‫يجعله عاج ًزا عن شغل أ َّية‬    ‫‪ ،Blackstone‬في سبعينيات‬           ‫المرتدين على أنه من أجل‬
 ‫مناصب في المملكة؛ هذا إلى‬         ‫القرن الثامن عشر‪ ،‬كتابه‬        ‫«منفعة» المتض ِّررين‪ ،‬وفي‬
 ‫جانب أنه كان دائ ًما عرضة‬       ‫تعليقات على قوانين انجلترا‬     ‫الوقت ذاته انصياع لأوامر‬
  ‫للسجن لمدة ثلاث سنوات‬               ‫‪Commentaries on‬‬
   ‫دون كفالة(‪ .)14‬على الأقل‪،‬‬      ‫‪،the Laws of England‬‬                                ‫الله‪.‬‬
   ‫كان السجن يمثل خطوة‬                                             ‫في ِس ْفر التثنية(‪ُ ،)9‬تو َّجه‬
     ‫للأمام بالنسبة للحرق‪.‬‬                                          ‫للقارئ تنبيهات شديدة‬
  ‫بحسب بلاكستون أي ًضا‪،‬‬                                         ‫اللهجة بعدم الانسياق وراء‬
                                                                    ‫الدعوة إلى عبادة «آلهة‬
                                                                 ‫أخرى»‪ُ .‬ي ْط َلب من القارئ‬
                                                                ‫ألا يستمع إلى أ َّية دعوة من‬
                                                                  ‫هذا القبيل‪ .‬ولا يعني ذلك‬
                                                               ‫اكتفائه بتج ُّنب أصحاب هذه‬
                                                               ‫الدعوة؛ فعقوبة أمثال هؤلاء‪،‬‬
                                                                   ‫كما ح َّددها ِس ْفر التثنية‪،‬‬
                                                                   ‫هي الموت رجما(‪ .)10‬مما‬
                                                                 ‫لا شك فيه أ َّن هناك َم ْن لا‬
                                                                ‫يزال يتم َّسك بهذه الآراء في‬
                                                                 ‫المجتمع اليهودي الحديث‪،‬‬
                                                               ‫وإ ْن كان عددهم قلي ًل‪ ،‬حيث‬
                                                                ‫يأخذ هؤلاء بالمعنى الحرفي‬
                                                               ‫للنصوص الدينية ويطالبون‬
                                                               ‫بفرضها كسلطة على القانون‬

                                                                           ‫المدني المعاصر‪.‬‬
                                                                 ‫في إحدى التعليقات المب ِّكرة‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162