Page 152 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 152

‫العـدد ‪32‬‬                          ‫‪150‬‬

                                                                                                                                 ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

‫قصص القرآن لا يقتضي صحته‬                                                                                                            ‫على القرآن من مقارنة أخباره‬           ‫الخمسة للقاضي عبد الجبار‬
   ‫لأنه يحكي من حال الأقدمين‬                                                                                                          ‫بحقائق التاريخ‪ .‬إن التاريخ‬        ‫المعتزلي‪ ،‬شرح شروط المعتزلة‬
    ‫الصحيح والفاسد والصادق‬                                                                                                           ‫ليس من مقاصد القرآن وإن‬          ‫في التفسير؛ العلم بااللغة العربية‪،‬‬
                                                                                                                                                                      ‫العلم بأحكام الشرع‪ ،‬العلم بأدلة‬
 ‫والكاذب‪ ،‬ولإنه يجري تعبيراته‬                                                                                                       ‫التمسك به خطر أي خطر على‬          ‫الفقه وأصوله‪ ،‬العلم بدلالة اللغة‬
   ‫على معروفهم ومنظورهم ولو‬                                                                                                       ‫النبي عليه السلام وعلي القرآن‪،‬‬
  ‫كان خرافيًّا‪ ،‬كوصف الشيطان‬                                                                                                                                              ‫وأدلة العقل‪ .‬ورفض المعتزلة‬
 ‫افلي َّشقَياولِطهي ِ«ن َ»ط‪ْ ،‬ل ُعو َهما َكس َأ َاّنلُه ُشريُءاوطيُسن في‬                                                            ‫بل هو جدير بأن يدفع الناس‬         ‫تما ًما اتخاذ النقل من دون العقل‬
  ‫ََيقلَتو ََليخهَُقبّ ُوتط ُُمهعاواللَين َّاإشِ َلّْيلذَطياَك ُنَنم‪ ‬ا« ِمََيي ْأَُقن ُ‪ ‬كوالُ َُْلمو َا ِّنَلّس ِاذ»ل‪ِّ ،‬ير َبا‬       ‫إلى الكفر بالقرآن كما كفروا‬
‫فليس في هذا وصف لصحيح من‬                                                                                                            ‫من قبل بالتوراة» ويقول‪« :‬إن‬                       ‫سبي ًل للمعرفة‪.‬‬
   ‫أمر الشيطان أو مسه‪ ،‬بل أ َّول‬                                                                                                      ‫المعاني التاريخية ليست مما‬          ‫وكان سبب لجوء المعتزلة إلى‬
   ‫(من التأويل) الأستاذ الملائكة‬                                                                                                    ‫بلغ على أنه دين يتبع وليست‬           ‫الاهتمام بالعقل بسبب توسع‬
    ‫بالأرواح والقوى والشياطين‬                                                                                                        ‫من مقاصد القرآن في شيء‪..‬‬         ‫الخلافة العباسية وتلاقي ثقافات‬
  ‫وإبليس بدواعي الشر‪ ،‬وعرض‬                                                                                                        ‫إن قصد القرآن من هذه المعاني‬        ‫مختلفة كان يصعب على المسلمين‬
 ‫في بيان طويل لتأويل قصة آدم‬                                                                                                      ‫إنما هو العظة والعبرة‪ ..‬ومعني‬        ‫الاحتكام إلى قدسية النص دون‬
    ‫كلها في سورة البقرة‪ ،‬ثم آثر‬                                                                                                    ‫هذا أن قيمتها التاريخية ليست‬          ‫أدلة علمية‪ ،‬وأي ًضا لكي يمحوا‬
                                                                                                                                   ‫مما حماه القرآن الكريم ما دام‬      ‫التناقض بين العقل وظاهر اللفظ‪.‬‬
     ‫التأويل على التسليم بحقيقة‬                                                                                                    ‫لم يقصده»(‪ .)22‬ولكنه أضطهد‬
‫هذه الأشياء والأحداث مقر ًرا أن‬                                                                                                     ‫ورفضت رسالته‪ ،‬ولكن وقف‬                  ‫فمثلا سوره الأعراف الأيه‬
‫المؤول أعلى كعبًا في الإيمان ممن‬                                                                                                      ‫بجانبة أستاذه الشيخ أمين‬          ‫اَأ ُيل‪َّ4‬ي ْاغ َّ‪ٍ5‬سمِشَم«ُثاإِيََّموَّنااال َِلَّرتْ ْيسَّب ََتَلُكو َاوُامْلَلاىنَّ ْرَلهَّاعُل ََلراىضلََّياِذِْْلطفَلُعي ُبْر ُهَِسخِتََّلَش ِةحَقثِيثًا‬
                                                                                                                                      ‫الخولي في مقالة أرسلها إلى‬       ‫ََُموواا َْلسَل ََّّْشمخ َُْمررا ََت ٍَسبتا ََِربو َاأ َْلكْمَقاِرَملِهََّر ُلَأ ََوَلرال َُّل ُّنب ُه ُاجال ْلوع ََامخل ْلميُقن»‪.‬‬
  ‫يسلم‪ ،‬لأنه أكثر اطمئنا ًنا وأقل‬                                                                                                ‫جريدة «أخبار اليوم» خلال شهر‬
              ‫تعر ًضا للشكوي‪.‬‬                                                                                                        ‫نوفمبر ‪ 1947‬قال فيها «منذ‬             ‫يرى المعتزلة أنه ليس هناك‬
                                                                                                                                  ‫حوالي عشرين عا ًما وأنا أدرس‬             ‫عرش ولا استواء‪ ،‬كيف هذا‬
     ‫في تأويل الإمام محمد عبده‬                                                                                                   ‫القرآن الكريم في كلية الآداب من‬       ‫والله قال ليس كمثله شيء وهو‬
‫لقصة آدم وحواء إنها على سبيل‬                                                                                                       ‫حيث هو كتاب العربية الأكبر‪،‬‬           ‫اللطيف الخبير‪ .‬فإعمال العقل‬
                                                                                                                                 ‫وقد أطمأننت إلى أن الفهم الأدبي‬           ‫في النص وتقديم العقل على‬
  ‫التصوير سيجعل تعامل العقل‬                                                                                                        ‫له يجب أن يتقدم على كل رغبة‬         ‫النقل هو السبيل لمحو التناقض‪.‬‬
‫المسلم مع نظرية التطور مفهومة‬                                                                                                     ‫في استفادة عقائد منه أو أخلاق‬         ‫كان هذا نهج كثير من مفكرين‬
‫بمنظور علمي بدون صدام بينها‬                                                                                                       ‫أو أحكام قانونية‪ ،‬فاتخذت لهذا‬           ‫مستنيرين فطنوا لهذا الأمر‪.‬‬
                                                                                                                                 ‫الدرس منه ًجا أدبيًّا خال ًصا أذعته‬       ‫ففي عام ‪ 1947‬قدم الطالب‬
    ‫وبين الدين‪ ،‬وتلك هي نوعية‬                                                                                                      ‫ومضيت أضعه بين يدي طلبة‬              ‫محمد أحمد خلف الله من كلية‬
‫التأويل التي تحترم الدين والعلم‬                                                                                                      ‫الجامعة وأفرغ من نقدهم له‬             ‫الآداب بجامعة فؤاد رسالة‬
                                                                                                                                    ‫وتمثلهم إياه‪ ،‬ثم أتقدم لدرس‬        ‫للحصول على الدكتوراه بعنوان‬
   ‫م ًعا‪ ،‬ولكن للأسف لم تسيطر‬                                                                                                    ‫موضوع من القران تطبي ًقا عليه‪،‬‬             ‫(الفن القصصي في القرآن‬
 ‫أفكار الإمام كما سيطرت أفكار‬                                                                                                       ‫أدعهم بعده ليتابع الدرس من‬            ‫الكريم) قرر فيها أن «ورود‬
                                                                                                                                    ‫له رغبة خاصة في دراسة هذا‬
                    ‫الأصوليين‪.‬‬                                                                                                      ‫الكتاب العظيم‪ ،‬وقد جعل غير‬               ‫الخبر في القرآن الكريم لا‬
                                                                                                                                  ‫واحد من الطلاب دراسته العليا‬              ‫يقتضي وقوعه‪ ،‬وأنه يذكر‬
        ‫الخاتمة‬                                                                                                                     ‫في موضوعات قرانية‪ .‬ويكمل‬              ‫أشياء وهي لم تقع‪ ،‬ويخشي‬
                                                                                                                                   ‫بقوله مستشه ًدا بالإمام محمد‬
     ‫في المبحث الأول والثاني‪ .‬تم‬                                                                                                       ‫عبده‪« :‬إن وجود شيء من‬
‫مناقشة معني العلم ومعني الدين‬

     ‫والاختلاف بينهما من حيث‬
     ‫المنهج‪ ،‬وتعاملنا وفهمنا لكل‬
   ‫منهما بطريقة مختلفة‪ ،‬وحيث‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157