Page 148 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 148

‫العـدد ‪32‬‬                        ‫‪146‬‬

                                      ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

   ‫فردت بنت الشاطئ بأنه وقع‬               ‫الإسلام بعقلية نبي الإسلام‬          ‫العصر الحديث كتب في ‪25‬‬
‫في خطأ لا يقع فيه المبتدئون من‬             ‫ليفهموه في تفسير عصري‬             ‫مجل ًدا‪ ،‬كانت طريقة تفسيره‬
 ‫طلاب اللغة العربية‪ ،‬فالقرأن في‬            ‫من بدع هذا الزمان وباسم‬          ‫للقران هي ربط الآيات الدينية‬
 ‫هذه الآية يجري على لغة العرب‬          ‫العلم نخاتلهم بتأويلات محدثة‬          ‫بالنظريات والمعارف العلمية‪.‬‬
                                        ‫تلوك ألفا ًظا ساذجة صماء عن‬       ‫في حوار مع المفكر جواد علي في‬
   ‫الذين أنثوا لفظ العنكبوت من‬          ‫الذرة والإلكترون وتكنولوجيا‬      ‫مجلة أفاق عربية سنة ‪ 1984‬قال‬
‫قديم جاهليتهم الوثنية‪ ،‬كما أنثوا‬         ‫السدود وبيولوجيا الحشرات‬        ‫عن الشيخ طنطاوي جوهري «إن‬
                                        ‫وديناميكية الصلب وجولوجيا‬         ‫ما جاء به الجوهري من تفسير‬
 ‫مفرد النحل والدود‪ ،‬فلم يقولوا‬         ‫القمر»‪ ..‬هكذا رأت بنت الشاطئ‬         ‫قد حكم العلم ببطلانة»‪ .‬وهذه‬
  ‫في الواحد منها إلا نملة ونحلة‬        ‫الإعجاز العلمي وكأنة مزايدات‬      ‫هي مشكلة ربط المطلق بالنسبي‪.‬‬
                                            ‫وافتئات على الرسول‪ ،‬فهم‬          ‫في عام ‪ 1970‬نشر مصطفي‬
    ‫ودودة‪ ،‬وهو تأنيث لغوي لا‬               ‫يفهمون أكثر مما هو (ص)‬           ‫محمود كتابة (القران محاولة‬
  ‫علاقة له بالتأنيث البيولوجي‪.‬‬          ‫كان يفهم‪ ،‬ويستنبطون معاني‬           ‫لفهم عصري) داعيًا إلى قراءة‬
                                          ‫غير المعاني الذي كان يقولها‬    ‫القران في ضوء النظريات العلمية‬
            ‫الشيخ أمين الخولي‪:‬‬           ‫الرسول لأصحابه! قالت بنت‬           ‫الحديثة‪ ،‬اطلعت د‪.‬عائشة عبد‬
  ‫من ضمن الشيوخ المستنيرين‬                  ‫الشاطئ في كتابها (القران‬     ‫الرحمن على هذا الكتاب ووجهت‬
 ‫والمفكرين الذين واجهوا أكاذيب‬            ‫وقضايا الإنسان)‪« :‬لا سبيل‬         ‫انتقادات عنيفة ضد هذا التيار‬
                                        ‫يؤمن وجودنا سوى أن يكون‬               ‫المدعي للإعجاز العلمي‪ ،‬قال‬
       ‫الإعجاز العلمي‪ ،‬يرد على‬             ‫فهمنا لكتاب الله محر ًرا من‬      ‫مصطفي محمود «بعد صدور‬
  ‫مروجيه ويبين أن موقع الدين‬              ‫كل الشوائب المقحمة والبدع‬            ‫كتابي القرآن محاولة لفهم‬
                                      ‫المدسوسة‪ ،‬بأن نلتزم في تفسيره‬         ‫عصري‪ ،‬هاجت الدنيا وغضب‬
      ‫هو النفس وتهذيبها وليس‬            ‫ضوابط منهجية تصون حرمة‬               ‫الأزهر‪ ،‬وكتب ‪ 300‬مقال في‬
   ‫ما يدعون‪ ،‬وكأنه جاء لكشف‬                ‫كلماته‪ ،‬فترفض بها الزيف‬          ‫الرد عليَّ»‪ ،‬أي أن المواجهة مع‬
                                         ‫الباطل وفتنة التمويه وسكرة‬       ‫هذا التيار موجودة منذ وجودة‪.‬‬
     ‫قوانين كونية ولا معادلات‪.‬‬          ‫التخدير‪ ،‬هذا بلاغ للناس اللهم‬
    ‫يقول الشيخ‪« :‬علي أني حين‬                                                       ‫د‪.‬عائشة عبد الرحمن‪:‬‬
     ‫أتس ّمح بهذا القدر في سبيل‬                               ‫أشهد»‪.‬‬        ‫تقول بنت الشاطئ «فجأة من‬
    ‫إرضاء رغبات هؤلاء الطيبي‬             ‫ولنأخذ مثا ًل واح ًدا من ردود‬
                                        ‫بنت الشاطئ التي فضحت من‬                ‫حيث لا نتوقع ظهر تفسير‬
      ‫النية‪ ،‬لا أنسي أن أُ َذ ِّكرهم‬    ‫يحاولون لي عنق النص‪ ،‬عندما‬         ‫عصري لكاتب صحفي (تقصد‬
      ‫بأن التناول الفني لحقائق‬            ‫قال دعاة الإعجاز العلمي إن‬
   ‫الكون ومشاهده‪ ،‬هو التناول‬            ‫تأنيث القرآن للعنكبوت إعجاز‬          ‫مصطفي محمود) مع ضجة‬
    ‫الذي يقصد به الدين رياضة‬              ‫علمي «مثل الذين اتخذوا من‬      ‫إعلامية وحملة إعلامية عن حاجة‬
      ‫وجدانات الناس‪ ،‬ويوجهه‬            ‫دون الله أولياء كمثل العنكبوت‬
  ‫لعامتهم وخاصتهم؛ وعلمائهم‬              ‫اتخذت بيتا»‪ ،‬وتبني مصطفي‬            ‫الناس إلى تفسير جديد يلائم‬
‫وأنصاف علمائهم‪ ،‬بل لجهلائهم‬             ‫محمود هذا الرأي واعتبره من‬          ‫العصر ويخرج للناس ما غاب‬
      ‫أي ًضا‪ ،‬كما هي مهمة الدين‬         ‫الإعجاز العلمي‪ ،‬قائ ًل إن العلم‬  ‫عن النبي الأمي وقومه من عصر‬
   ‫والغاية من تلاوة كتابه بينهم‬       ‫كشف مؤخ ًرا أن أنثي العنكبوت‬         ‫التكنولوجيا وحديث الطبيعيات‬
  ‫جمي ًعا‪ ،‬وهذا التناول إنما يقوم‬         ‫هي التي تنسج البيت وليس‬           ‫والرياضيات وملاحة الفضاء‪،‬‬
  ‫على المشهود البادي من ناحية‬          ‫الذكر‪ ،‬وهي حقيقة بيولوجية لم‬         ‫وهذا كلام له مزالقه الخطيرة‬
   ‫روعته في النفس‪ ،‬ووقعه على‬            ‫تكن معلومة أيام نزول القرآن‪،‬‬     ‫التي تختلط فيها المرامي وتتشابه‬
    ‫الحواس‪ ،‬وانفعال الناس به‪،‬‬                                              ‫السبل فتفضي إلى ضلال بعيد‬
     ‫لا من ناحية دقائق قوانينه‪،‬‬                                             ‫وهكذا باسم العصرية‪ ،‬تغرى‬
 ‫ومنضبط نواميسه في معادلات‬                                                  ‫الناس بأن يرفضوا فهم كتاب‬
    ‫جبرية أو أرقام حسابية‪ ،‬أو‬
‫بيان جاف خصائصه وحقائقه‪..‬‬
‫وبقيام هذا التناول على المشاهد‪،‬‬
    ‫والمدرك بادئ الرأي‪ ،‬والمؤثر‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153