Page 151 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 151

‫‪149‬‬             ‫تجديد الخطاب‬

‫الشيخ علي جمعة‬  ‫خالد منتصر‬                        ‫زكي نجيب محمود‬                                ‫فقوانين نيوتن في الميكانيكا أثبتت‬
                                                                                                ‫كفاءتها كنموذج للظواهر الواقعة‬
     ‫بيان معني الكلام‪ .‬كان ابن‬       ‫الآية الكريمة « َو َج َع ْل َنا‪ ‬من‪ ‬ا ْ َلا ِء‪ ‬‬
 ‫جرير الطبري أول واضع كتاب‬           ‫ُكونَّل‪ ‬ر َىش ْأي ٍءن‪ ‬ا َلح ٍّجير»ب(والعأنإبذيااء‪:‬شر‪0‬ب‪،)3‬‬     ‫في حدود أي سرعات أقل من‬
                                      ‫الماء يموت‪ .‬لفك هذا التناقض‬                                ‫سرعة الضوء‪ ،‬ولكنها لم تصمد‬
   ‫للتفسير‪ ،‬تفسيره يبدأ بجملة‪:‬‬     ‫الظاهري علينا أن نرتقي بنظرتنا‬
  ‫القول في تأويل قوله تعالى كذا‬     ‫للدين‪ ،‬هل نقرأه بحرفية ونأخذ‬                                   ‫لتفسير الظواهر التي تتجاوز‬
   ‫وكذا‪ ،‬ولا يختلف المعني أي ًضا‬                                                                ‫سرعة الضوء‪ ،‬فقفز العلم وانتقل‬
  ‫عند أحمد بن حنبل وابن تيمية‬           ‫اللفظ بظاهره بدون تأويل؛‬                                ‫من الميكانيكا العادية إلى الميكانيكا‬
                                    ‫بحيث إن كل الأخبار التاريخية‬
      ‫وتلميذه ابن القيم الجوزية‬                                                                   ‫الثورية التي وضحها أينشتين‪،‬‬
     ‫وجلال الدين السيوطي‪ .‬أما‬           ‫والإشارات العلمية نعتبرها‬                               ‫هكذا هي فكرة التقريبات المتتابعة‬
                                         ‫واقعية وكأن القران كتاب‬
      ‫التأويل عند المتأخرين من‬         ‫تاريخي وبيولوجي ونعامله‬                                         ‫أو فكرة نسبية العلم تفيد‬
   ‫المتكلمين والفقهاء فهو صرف‬      ‫كالعلم كما يريد مروجو الإعجاز‬                                   ‫بإمكانية تطوره دائ ًما‪ ،‬فالعلم‬
                                    ‫العلمي‪ ،‬ونزج بالدين في معركة‬                                  ‫لا يرفع شعار ليس في الإمكان‬
     ‫اللفظ عن المعني الراجح إلى‬    ‫تفقده قداسته في نفوسنا‪ ،‬ونقول‬                                    ‫أفضل مما كان‪ ،‬فهو في حالة‬
 ‫المعني المرجوح لدليل يقترن به‪.‬‬     ‫أين الأدلة على سفينة نوح مث ًل‬                                  ‫تطور مستمر‪ ،‬ولو جاء عالم‬
                                    ‫أو الدليل الفيزيائي على انشقاق‬                               ‫وقال إن الراديو أكثر ما توصل‬
    ‫فقد اعتمد المعتزلة على العقل‬   ‫القمر‪ ،‬وأين الحفريات والبرديات‬                                    ‫إليه العلم وهذا سقف العلم‪،‬‬
    ‫وهو وكيل الله عند الإنسان‪،‬‬       ‫والآثار التي تثبت وجود النبي‬                                 ‫فلن نكون قادرين على التطوير‬
  ‫أخضعوا المسائل كلها للفحص‬            ‫إبراهيم والنبي موسي وهلم‬                                 ‫لدرجة أن نصل للتليفزيون الذي‬
‫العقلي وأوجبوا عرض النصوص‬                 ‫جرا؟ أم نعامله بالتأويل؟‬                                ‫ظهر عليه د‪ .‬الطيب ليسخر من‬
‫والمأثورات على العقل‪ ،‬فهو الحكم‬        ‫معني التأويل عند القدماء لا‬                                ‫مفهوم النسبية‪ ،‬فالتليفزيون لا‬
     ‫ولا عبرة بالرواه ورجالات‬       ‫يختلف عن معني التفسير وهو‬                                      ‫يعني أن القوانين التي أنتجت‬
                                                                                                 ‫الراديو خطأ‪ ،‬بل يعني أنه يوجد‬
      ‫السند مهما كانوا‪ ،‬ووضع‬                                                                       ‫قوانين أخري نكتشفها ونفهم‬
  ‫المعتزلة شرو ًطا لا بد أن يلتزم‬                                                                   ‫أكثر طبيعة المادة لنستخدمها‬

       ‫بها كل من يحاول تفسير‬                                                                                          ‫لصالحنا‪.‬‬
  ‫القرآن في كتاب شرح الأصول‬                                                                          ‫ب‪ -‬رمزية الدين أم حرفية‬

                                                                                                                  ‫النص الديني؟‬
                                                                                                       ‫فيما سبق وضح كيف أن‬
                                                                                                 ‫الإعجازيين يلوون عنق الحقيقة‬
                                                                                                  ‫ويحملون النص الديني معاني‬
                                                                                                    ‫أكثر مما يحتمل‪ ،‬وفي الأمثلة‬
                                                                                                      ‫السابقة ظهر التناقض بين‬
                                                                                                        ‫ظاهرالنص والأثر‪ ،‬وبين‬
                                                                                                 ‫الحقائق العلمية‪ .‬وفي العموم لو‬
                                                                                                  ‫أخذنا بالظاهر سنرى تناق ًضا‪.‬‬
                                                                                                        ‫فمثلا الآية الكريمة تقول‬
                                                                                                    ‫« َوإِ َل ا ْ َل ْر ِض‪َ  ‬ك ْي َف ُس ِط َح ْت»‬
                                                                                                  ‫(الغاشية‪ ،)20 :‬يبدو أن ظاهر‬
                                                                                                   ‫النص ضد العلم الذي يحدثنا‬
                                                                                                   ‫الآن عن كروية الأرض‪ .‬وعند‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156