Page 166 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 166

‫العـدد ‪32‬‬                                ‫‪164‬‬

                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬                             ‫لديها مدارس أخرى كان‬
                                                                          ‫س ُيسمح لها فيها بارتداء‬
  ‫اللاجئين‪ .‬وهي مسألة قد‬              ‫لينا جوي‪ .‬لقد سمح كلا‬            ‫الجلباب(‪ .)48‬وجرى التشديد‬
     ‫أُثيرت أكثر من مرة في‬               ‫القرارين بفرض قيود‬            ‫على العناية التي وضع ْت بها‬
    ‫المحكمة العليا باستراليا‪.‬‬           ‫على الأفراد استنا ًدا إلى‬      ‫المدرسة سياساتها الخاصة‬
        ‫ي َّدعي مق ِّدمو طلبات‬
     ‫الحصول على تأشيرات‬               ‫اعتبارات تتعلق بمصلحة‬                      ‫بال ِّزي المو َّحد(‪.)49‬‬
                                   ‫المجتمع المحلي‪ ،‬وإ ْن كان ذلك‬         ‫على خلاف الأغلبية‪ ،‬أق َّر ْت‬
   ‫حماية أنهم قد تخلوا عن‬           ‫لأسباب مختلفة‪ .‬لقد أذعن ْت‬          ‫الأقلية في مجلس اللوردات‬
    ‫عقيدتهم الإسلامية التي‬
‫ُولدوا عليها‪ .‬ثم يقولون إنهم‬            ‫المحاكم في كلا البلدين‪،‬‬            ‫بوقوع تد ُّخل في حقوق‬
 ‫يخشون عواقب هذا التخلي‬            ‫بدرجات متفاوته‪ ،‬إلى سلطة‬               ‫الم َّدعية‪ ،‬غير أنها تو َّصلت‬
  ‫إذا أُعيدوا إلى بلدانهم التي‬                                            ‫إلى أ َّن ذلك التد ُّخل يمكن‬
                                        ‫اعتبروها أكثر كفاءة في‬          ‫الدفاع عنه‪ ،‬بمعنى أنه كان‬
        ‫يحملون جنسياتها‪.‬‬              ‫هذه المسألة تحدي ًدا‪ .‬ومع‬         ‫له ما يب ِّرره في ظل ظروف‬
   ‫في عام ‪ ،2006‬في قضية‬             ‫ذلك‪ ،‬ذهب ْت المحاكم الماليزية‬         ‫معيَّنة(‪ .)50‬في وقت لاحق‪،‬‬
 ‫‪ SZBEL‬ضد وزير الهجرة‬                ‫أبعد من ذلك بكثير في هذا‬
  ‫وشؤون التعددية الثقافية‬            ‫الإذعان‪ .‬في الواقع‪ ،‬انتهت‬             ‫ش َّدد أحد اللوردات على‬
‫والسكان الأصليين وشخص‬               ‫الأغلبية في ماليزيا إلى عدم‬          ‫أ َّن آراء «مجلس اللوردات‬
‫آخر(‪ ،)55‬كان الم َّدعي يعمل‬        ‫اختصاصها في هذه المسألة؛‬              ‫جديرة بالملاحظة لتأكيدها‬
‫ب َّحا ًرا على َم ْتن سفينة تابعة‬     ‫هذا على الرغم من صلتها‬           ‫على تفاصيل القضية المعنيَّة‪،‬‬
 ‫للخطوط الملاحية الإيرانية‪.‬‬            ‫باحترام الدستور‪ ،‬الذي‬           ‫ولتج ُّنب (بل رفض إمكانية)‬
  ‫في ميناء كيمبلا ‪Kembla‬‬             ‫يمثِّل إحدى وثائق القانون‬
  ‫بأستراليا‪ ،‬قفز الم َّدعي من‬                                               ‫أ َّية قاعدة عامة واسعة‬
‫على َم ْتن السفينة وتق َّدم على‬                        ‫المدني‪.‬‬                        ‫النطاق»(‪.)51‬‬
  ‫ال َف ْور بطلب للحصول على‬
‫تأشيرة حماية بعد أ ْن ا َّدعى‬      ‫موقف المحاكم الاسترالية‬               ‫عند الموازنة بين الحريات‬
 ‫اضطهاده من ِق َبل السلطات‬             ‫من مسألة ال ِّردة‬                 ‫الفردية ومصالح المجتمع‪،‬‬

      ‫الإيرانية بسبب تح ُّوله‬         ‫تناول ْت المحاكم والهيئات‬            ‫فإن السؤال الذي يطرح‬
   ‫إلى المسيحية‪ُ .‬رفض طلب‬          ‫القضائية الاسترالية‪ ،‬أحيا ًنا‪،‬‬      ‫نفسه هو ما إذا كان «ينبغي‬
   ‫التأشيرة من قبل محكمة‬                                                ‫على المحكمة أ ْن تتح َّرى عن‬
   ‫مراجعة شؤون اللاجئين‬                  ‫مسألة ال ِّر َّدة وعلاقتها‬
 ‫بالرغم من حضور الم َّدعي‪،‬‬              ‫بالحقوق الأساسية‪ .‬في‬              ‫الأهمية المركزية للإعلان‬
‫على مدار سنوات‪ ،‬العديد من‬             ‫الغالب‪ ،‬كانت هذه المسألة‬            ‫عن معتقد ديني معيَّن أو‬
‫ال ُق َّداسات المسيحية في ميناء‬      ‫ُتثار أمام المحاكم في سياق‬           ‫إثباته»(‪ .)52‬نظ ًرا للطبيعة‬
                                   ‫الطلبات المق َّدمة من أشخاص‬           ‫الحساسة للمسألة‪ ،‬وعدم‬
    ‫دبي (الذي كانت ترسو‬            ‫يطالبون بالحماية الاسترالية‬             ‫خبرة معظم (أو جميع)‬
    ‫فيه السفينة في كثير من‬         ‫كلاجئين‪ .‬ففي قضية ‪NAIS‬‬              ‫القضاة في مثل هذه المسائل‪،‬‬
 ‫الأحيان) وغيره من الموانئ‬          ‫ضد وزير الهجرة وشؤون‬                ‫فإن المحاكم التقليدية عاد ًة‬
  ‫التي تو َّقف ْت فيها‪ ،‬وبالرغم‬      ‫التعددية الثقافية والسكان‬            ‫ما تحجم عن الخوض في‬
     ‫أي ًضا من أ َّن «السلطات‬          ‫الأصليين(‪ ،)54‬على سبيل‬             ‫النزاعات المتعلقة بالمبادئ‬
   ‫الإيرانية تعتبره مرت ًّدا أو‬        ‫المثال‪ ،‬يمكن ملاحظة أ َّن‬
 ‫مشار ًكا َن ِش ًطا في المسيحية‬    ‫ال ِّر َّدة‪ ،‬بالنسبة للأفراد الذين‬       ‫الدينية أو ال َط ْق ِسيَّة(‪.)53‬‬
 ‫قبل وصوله إلى أستراليا»‪.‬‬              ‫ُولدوا ونشأوا كمسلمين‬             ‫هناك بعض أوجه التشابه‬
    ‫السؤال الذي كان يطرح‬               ‫في الدول الإسلامية‪ ،‬هي‬            ‫بين نهج مجلس اللوردات‬
                                     ‫مسألة شائعة في مطالبات‬               ‫في قضية الجلباب‪ ،‬ونهج‬
                                                                         ‫المحاكم الماليزية في قضية‬
   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171