Page 263 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 263

‫‪261‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

    ‫ملطخة بآثار الدماء‪ .‬المثقفون‬              ‫عالجت في كتابك‬            ‫باستثناء اللحظات العظيمة التي‬
  ‫في عزلة شديدة عن الواقع‪ ،‬ولا‬          ‫“القربان البديل” الذي‬              ‫تولد فيها النصوص الجيدة‪.‬‬
‫أدري هل أبكي من أجلهم أم أبكي‬         ‫فزت عنه بجائزة الدولة‬
                                                                             ‫قصتك مع الجوائز‬
    ‫عليهم‪ ،‬هم أي ًضا ضحايا نوع‬              ‫التشجيعية ظاهرة‬                ‫قديمة وممتدة‪ ..‬فعلى‬
  ‫من الإبعاد القسري عن الناس‪،‬‬           ‫الثأر‪ ،‬وبحثت في أصل‬             ‫الرغم من ترشيح الناقد‬
‫ويبقى المصري البسيط وحي ًدا في‬                                           ‫الكبير عبد القادر القط‬
 ‫النهاية وهو يواجه أزماته فكر ًّيا‪،‬‬         ‫المصالحات الثأرية‬             ‫لك لنيل جائزة الدولة‬
 ‫ويناقش بينه وبين نفسه قضايا‬         ‫وامتداداتها حتى التاريخ‬           ‫التشجيعية في الشعر عن‬
‫الحداثة والمعاصرة وغيرها‪ ،‬وهي‬                                             ‫أول دواوينك‪ ،‬اعتذرت‬
   ‫ورطة كبيرة تحتاج إلى حقول‬             ‫الفرعوني‪ .‬لكن تكرار‬
                                           ‫جرائم الثأر وامتداد‬               ‫عن التقدم للجائزة‬
               ‫معرفية ومناهج‪.‬‬          ‫طابور الضحايا يجعلنا‬                ‫آنذاك‪ ،‬وحين حصلت‬
                                      ‫نتساءل عن البعد الثقافي‬           ‫على “التشجيعية” لعام‬
  ‫ُترجمت بعض قصائدك‬                     ‫للثأر‪ ،‬وتصورك للدور‬                ‫‪ 2015‬كانت في مجال‬
   ‫للإن ٌجليزية وللألمانية؛‬             ‫الذي يجب أن تمارسه‬             ‫بعيد عن الشعر‪ ..‬العلوم‬
 ‫هل تتفق معي في اعتبار‬                   ‫المؤسسة الثقافية من‬           ‫الاجتماعية‪ ،‬هل تظن أنك‬
   ‫الترجمة مأز ًقا إشكال ًّيا‬            ‫ناحية‪ ،‬والمثقفون من‬            ‫فو َّت فرصة كنت جدي ًرا‬
   ‫إذا ما عالجت نصو ًصا‬                 ‫ناحية أخرى للتصدي‬
   ‫شعرية كالتي تكتبها؛‬                    ‫لتلك العادة المؤسفة‪.‬‬                             ‫بها؟‬
                                        ‫ولماذا تعتبر كل حادثة‬
      ‫بقدر ما تتبنى قي ًما‬                ‫ثأرية جديدة وكأنها‬             ‫نعم كنت جدي ًرا بجائزة الدولة‬
 ‫جمالية وإنسانية تفيض‬                     ‫هزيمة شخصية لك؟‬              ‫التشجيعية في الشعر منذ ثلاثين‬
‫بحمولة تراثية ثقافية لها‬
 ‫خصوصيتها؟ كيف ترى‬                   ‫كل حادث ثأري هزيمة شخصية‪،‬‬            ‫عا ًما‪ ،‬وأتمنى نشر أسماء من‬
                                       ‫لا أعرف كيف أشكرك على هذا‬            ‫فازوا بها خلال تلك الفترة‬
     ‫نصوصك المترجمة؟‬                    ‫التوصيف الدقيق‪ ،‬الأمر هكذا‬         ‫ومقارنة إنجازهم بإنجازي‪،‬‬
                                            ‫بالفعل‪ ،‬لقد راهنت على أن‬
‫في نصوصي بعد إنساني يجعلها‬              ‫الظاهرة تعاند الدنيا‪ ،‬وتخالف‬      ‫وإنجاز آخرين أفضل مني لم‬
‫مؤهلة للتواجد في أية لغة‪ ،‬وكذلك‬       ‫ركب التقدم الكاسح‪ ،‬ولا تتناغم‬       ‫يحصلوا على جوائز‪ ،‬ستظهر‬
                                      ‫مع انكسارات الثقافات التقليدية‬     ‫فضيحة كبيرة لو تم نشر تلك‬
 ‫تتمتع الكثير من قصائدي ببناء‬           ‫أمام الثقافات الجديدة الوافدة‬  ‫الأسماء وعرضها للتقييم ورصد‬
 ‫بسيط‪ ،‬وصور قابلة للنقل‪ ،‬وكل‬            ‫غز ًوا أو تواص ًل‪ ،‬كل هذا كان‬  ‫أثرها في الحركة الشعرية‪ ،‬يوجد‬
  ‫ذلك يجعلها شع ًرا إنسانيًّا‪ ،‬كما‬    ‫كفي ًل بجعل الثأر ينقرض‪ ،‬لكنه‬       ‫من فاز وهو جدير طب ًعا‪ ،‬لكن‬
                                          ‫يستمر بشكل مرعب‪ ،‬وأكثر‬        ‫علامات استفهام كبيرة ستدور‬
    ‫أتمنى أو أحلم‪ ،‬لكنها مع ذلك‬        ‫سو ًءا‪ ،‬ويظل في يقيني أن الثأر‬      ‫حول الغالبية‪ ،‬وبالطبع‪ ،‬كن ُت‬
   ‫مملوءة بالرموز المحلية‪ ،‬الأمر‬        ‫مشكلة ثقافية في المقام الأول‪،‬‬  ‫ساذ ًجا عندما فو ُّت فرصة الفوز‬
    ‫الذي يتطلب مترج ًما من نوع‬        ‫وأن المؤسسات الثقافية في البلد‬
    ‫خاص‪ ،‬وهذا في تقديري غير‬                                                            ‫بجائزة الشعر‪.‬‬
  ‫موجود‪ ،‬وغير ضروري؛ أشعر‬
    ‫بغرابة في التعويل على قارئ‬
  ‫أجنبي لشعري‪ ،‬وإن كنت أحب‬

         ‫الوصول إلى كل إنسان‬
   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268