Page 259 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 259
أعتقد أن الشعر لا يتسلل إلينا من
الخارج ،وأن كل إنسان يحمل شاعًرا
بداخله ،والشعراء يتميزون فقط
باكتشاف ذلك الشاعر ،والعناية به
ومنحه حياتهم ،والشاعر المولود معنا
هو ما يجعلنا نحب الشعر ،ونتذوقه،
ونحترم الشعراء ،ونحن نكتشف الشاعر
في البداية بشكل غامض ،وقد تأتي
لحظات ونكتب ،لكن المناخ هو الذي
يجعل الزهرة تتفتح أو تنطفئ
آذيته كثي ًرا بالتقصير والتخبط، للشعر أو ًل ،لأنني قارئ دائ ًما، مناصري الإنسان،
وأشعر أن ظروفي لم تكن تسمح وشاعر أحيا ًنا ،وأود التأكيد على يخوض معركة شرسة
من أجل بقائنا ،لكننا لا
بما هو أكثر من ذلك ،وهذا الشعر بوصفه نعمة عظيمة، نشعر بأهمية الشعر ،لا
الشعور يؤلمني ج ًّدا. وعلى قدرته على صنع تناغم نصدق أن الشعر يخوض
وتوافق بين الإنسان وواقعه، معركة من أجل بقائنا”..
الحزن عند الجنوبي الشعر نجح في إنقاذي كقارئ يبدو مده ًشا هذا اليقين
وشم فرعوني لا ُيمحى، من بلادة بشعة ،وجمود أليم.
وبالنسبة لي كشاعر ،أشعر بالشعر في ظل واقع
له أسبابه الشخصية أنني حققت قد ًرا من التوافق يخاصم الأدب بشكل عام؛
وأسبابه العامة المتوافرة بين واقعي كإنسان وكشاعر،
لكنني لا أشعر بالرضا ،لقد كان وحياة عملية فرضت
في البيئة المحيطة أكثر بإمكاني أن أكتب شع ًرا أفضل، عليك -بحكم مهنتك-
من غيرها؛ كيف استطعت لو منحت الشعر وقتًا أطول، معايشة حالات ومشاهد
لو ركزت في الشعر ولم أتورط قاسية ..هل استطعت
توظيف المواقف المؤلمة في كتابات أخرى ،أو واجبات
في حياتك لتصبح جز ًءا اجتماعية وإنسانية أخرى ،كانت تحقيق التوافق بين
ممي ًزا لقصيدتك؟ وهل مشكلات الواقع تثريني وفي واقعك كإنسان وأحلامك
يمكننا القول إن الشعر نفس الوقت تسحبني بعي ًدا عن
كان وسيلتك للمقاومة؟ الكتابة ،أشعر بالحزن من أجل كشاعر؟
الشاعر الذي يسكنني ،لم يأخذ
الشعر أكبر من كونه وسيلة ،هو مني ما يستحقه ،أشعر أنني أف ِّضل الكلام عن نفسي كقارئ
المقاومة الطبيعية التي تحتفظ بها
الغريزة الإنسانية لمواجهة كل