Page 257 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 257
255 ثقافات وفنون
حوار
يواجه بشراسة ،وأحيا ًنا أخرى حاورته : أمامه ،فقد تعرف «فتحي» لأول
يتقوقع على ذاته باحثًا عن دفء مرة على الشعر في طفولته
رشا حسني
قديم في أشياء لا تخطر ببال: مرتب ًطا بالتسول! في صورة
ِش ْب ِش َب أُ ِّمي/ «أُ ِح ُّب َش ِقيَ /ل ُه َع َضلا ٌت لا َيس ُت ُر َها عازف الربابة الذي يدور على
كولثاي ًريال ِمما ُس َظ ْه َر ِجلبِا ِبي/ يخب ُط الجلبابَ /ت َر َك مندي َل ُه على ال َّش ِّط البيوت منش ًدا ،وينتظر القروش
ما َين َح ِر ُف َعنِّي/ َظ ْه ِري /كثي ًرا و َن َزلَ /ب ْل َط ٌة َتر ُق ُص في النَّ ْه ِر/ القليلة التي تأتيه ،لم يفهم كيف
ُمتظا ِه ًرا بأ َّن ُه ويكد ُم الهوا َء/
أ ْخ َط َأ ال َه َدف /كثي ًرا ما َب َكى وه َو َم َك َث ال َّط َّما ُع طوي ًل في الما ِء/ للشاعر أن يكون متسو َل؟
ير َت ِف ُع عاليًا /ويت َو َّع َد ِني». حتَّى َكبِر ُت سمك ٌة في َج َس ِده/ «كان والدي -في خطواتي
حصل فتحي عبد السميع في الأولى -يكره علاقتي بالشعر.
رأ ْي ُت َرق َص َت ُه العنيف َة /رأ ْي ُت كان يعتقد أنني أعد العدة ،كي
بداية التسعينيات على عدد من ََيرفعي َ ُش َتض ُه ِمونه َفي ِم َتهف/ورص/ا َررأ ْيَم ُتجذ ِروي ًب ًماا أدور بربابتي على البيوت ،وكان
ِمن يو ِم َهاَ /يزو ُر َنا عن َد اكتما ِل ينتظر اللحظة التي تدخل الربابة
الجوائز؛ منها :المركز الأول في
ال َق َم ِر». فيها بيتنا ،ليحطمها».
مجال شعر الفصحى في المسابقة لا تكتفي قصيدته بسبر غور كل الطرق كانت تأخذه بعي ًدا
الذات بل تتفاعل مع كل ما في عن الشعر ،حتى طبيعة عمله
المركزية لهيئة قصور الثقافة، -أمينًا لسر التحقيق في نيابة قنا
الحياة بتفاصيلها الصغيرة الكلية -جاءت مجافية لما يليق
وجائزة صندوق التنمية ،كما وقضاياها الكبرى دونما خطابية بشاعر؛ لكنه استطاع أن يشق
أو مباشرة« :لماذا يتطلع العجوز طري ًقا امتد من روحه نحو أرواح
حصل مؤخ ًرا على عدد من بلا مبالاة /للنخلة التي تتفحم؟/ الآخرين ..أحب مجتمعه الجنوبي
الجوائز؛ منها :جائزة الدولة وتفاعل معه كجزء من تفاعله
لكأنه لم يواعد تحتها حبيبته مع كل إنساني ،تشرب برموزه
التشجيعية في العلوم الاجتماعية الصغيرة! /لكأنها لم تشاركه وتفاصيله الصغيرة ،لم يتقبل
النعاس! /لكأن باطن قدميه لا تلك الحمولة التراثية هكذا بعبلها،
لعام ،2015وجائزة أفضل بحث يشبه جذعها! /لماذا لا يشعر بل فتش بدأب باحث وبحماس
بقشعريرة أو أسى؟ /لماذا لا شاعر وراء كل ملمح منها ليعي
في مؤتمرات هيئة قصور الثقافة كنهها ويصل إلى حقيقتها المخفية
يسأل عن منبع النيران التي وجذورها المختبئة في الأعماق:
.2015ووصل كتابه إلى القائمة تصارع الضفائر الخضراء؟/ « ِظ ِّل أما ِمي /عتم ٌة صغير ٌة/
وهل سيحتمل صقيع وقفته /إلى لا َتحيا إلا في النو ْر /برها ُن
القصيرة لجائزة الشيخ زايد أن يحترق الكرم بأكمله؟ /ألم وجودي /ومعناي الوحي ْد /أتر ُك
يعد يعشق النخيل؟ /هو الذي ك َّل طريق /لا أرى ِظلي يمت ُّد
.2016 بدد الصبا /في صعود النخلة تلو
فيه».
أصدر عبر مسيرته الإبداعية النخلة». قصائد فتحي عبد السميع منحت
المفارقة ،الفجيعة ،التمرد ،الهروب
سبعة دواوين« :الخيط في يدي»، لقصيدة النثر بعدين يبدوان
نحو الذات ،ربما هي من أهم متناقضين؛ الإنساني والمحلي،
«تقطيبة المحارب»« ،خازنة ما يميز قصيدة صاحب «أحد لكنهما في تمازجهما أروع تعبير
عشر ظ ًّل لحجر» ،سمات تعكس عن الأصالة القادرة على النفاذ
الماء»« ،فراشة في الدخان»، قل ًقا وجود ًّيا لا يجد مف ًّرا من لوجدان كل إنسان؛ « ِل شقي ٌق
الحفاظ على نقائه مهما تشبع
«تمثال رملي»« ،الموتى يقفزون الأفق من حوله بالملوثات؛ أحيا ًنا
من النافذة»« ،أحد عشر ظ ًّل
لحجر» .وله ثلاثة كتب أخرى
هي «الجميلة والمقدس»« ،القربان
البديل»« ،الشاعر والطفل
والحجر».
وبعي ًدا عن عدد الإصدارات التي
لا تعكس -بحكم قيود النشر-
حجم ولا قيمة المشروع الإبداعي
والبحثي للشاعر فتحي عبد
السميع ،فإن ثمة تجربة إبداعية
متوهجة تستحق أن نلقي مزي ًدا

