Page 14 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 14

‫العـدد ‪34‬‬    ‫‪12‬‬

                                                     ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

                                        ‫شوقي‪:‬‬                           ‫بالقاهرة وهي التي يقول فيها‪:‬‬
                     ‫يا نائح الطلح أشباه عوادينا‬                            ‫ويا وطني لقيتك بعد يأس‬
                  ‫نشجى لواديك أم نأسى لوادينا‬                                ‫كأني قد لقيت بك الشبابا‬
   ‫فالنداء نداء لنائح الطلح‪ .‬وهذا التعبير مكون من‬
 ‫عنصرين من عناصر الطبيعة‪ :‬الأول النائح والثاني‬                        ‫‪-2-‬‬
   ‫الطلح‪ ،‬أولهما صائت وله حضور في عالم الشعر‬
‫والشعراء والثاني صامت وله حضور شعري أي ًضا‪.‬‬                  ‫أين الأندلس إذن في آثار شوقي الأندلسية؟‬
 ‫والنائح وهو طير الحمام له بعد أسطوري معروف‬               ‫للإجابة عن هذا السؤال‪ ،‬لا مفر من قراءة أهم‬
‫عندما غاب الوليف ولم يعد فظلت وليفته تنوح عليه‬         ‫أثرين من الآثار الشعرية الأندلسية لشوقي وهما‬
   ‫وفاء له وانتظا ًرا لا يمل من عودته‪ .‬وشوقي يبثه‬     ‫بالترتيب‪ ،‬النونية والسينية لأن أرجوزته في تاريخ‬
                                                     ‫دول العرب وعظماء الإسلام منظومة تاريخية حظها‬
                                        ‫أسراره‪:‬‬        ‫قليل من الشعر ومعدوم من الأثر الأندلسي‪ ،‬وكذا‬
                      ‫أبثك وجدي يا حمام وأودع‬           ‫موشحته التي كتبها في صقر قريش عبد الرحمن‬
            ‫فإنك دون الطير للسر موضع ‪160/2‬‬              ‫الداخل بعد أن زار قرطبة‪ .‬أما قصيدته الميمية في‬
   ‫والطلح ‪-‬وهو العنصر الصامت‪ -‬مكان به شجر‬            ‫رثاء أمه فليست من الأندلس في شيء وليس بها من‬
   ‫ضخم كثيف كان ملتقى الأحباء الذين ذهبوا ولم‬           ‫الصلة إلا أنها قيلت على أرض إسبانيا‪ .‬وقصيدته‬
    ‫يعودوا‪ ،‬وكان ذهابهم بفعل الظلم الاجتماعي أو‬         ‫البائية التي كتبها فر ًحا بعودته قصيدة احتفالية‪.‬‬
    ‫بفعل الموت أو بفعلهما م ًعا‪ .‬ومن ثم صار المكان‬     ‫لذا فإن قراءة هاتين القصيدتين‪ :‬النونية والسينية‬
 ‫أث ًرا بعد عين يشهد على من كانوا في رحابه في رغد‬     ‫كافية لتدبر معالم الأندلسية في آثاره الشعرية التي‬
    ‫وأمان‪ ،‬ويشهد الحال عليه بما آل إليه‪ .‬والحمام‬        ‫كتبها فترة ابتعاده الإجباري عن الوطن‪ .‬وتهدف‬
    ‫النائح لم يبرح نواحه حز ًنا وبكا ًء على من ذهب‬    ‫القراءة إلى تبين ما هو من وحي بيئة الأندلس‪ ،‬وما‬
 ‫ولم يعد‪ .‬فالفقد والحزن واللوعة وصيرورة الزمن‬            ‫هو من وحي ذاكرته الثقافية وما بها من صور‬
  ‫صفات جامعة بين الطرفين النائح والطلح‪ .‬هذا في‬          ‫نمطية عن المكان أو الشخصيات‪ .‬فالأندلسية كما‬
    ‫المجمل العام‪ ،‬أما في المتعين المعروف‪ ،‬فإن «نائح‬      ‫قلنا هي حضور المكان برموزه وشخصياته من‬
‫الطلح» ينوح على المعتمد بن عباد وزوجه اللذين كان‬          ‫منظور الشاعر الذي يصور هذا المكان وما به‪.‬‬
 ‫وادي الطلح في أشبيلية يجمعهما يقضيان فيه أمتع‬
‫الأوقات‪ .‬ولما قضى عليهما ابن تاشفين أمره بنفيهما‬           ‫أولا‪ :‬الأندلسية في النونية‪:‬‬
      ‫في «أغمات» راح المعتمد ينوح على ملك ضائع‬
                                                                                      ‫فقصيدة النونية‬
                                                                                    ‫التي كتبها شوقي‬
                                                                                    ‫وهو في برشلونة‬

                                                                                      ‫ذات مطلع يبلغ‬
                                                                                     ‫عدد أبياته تسعة‬

                                                                                         ‫أبيات يمزج‬
                                                                                      ‫فيها بين صوته‬
                                                                                   ‫وصوت من يناديه‬
                                                                                      ‫أو يخاطبه وهذا‬

                                                                                        ‫الخطاب مثير‬
                                                                                      ‫للتساؤل‪ .‬يقول‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19