Page 172 - merit 52
P. 172

‫العـدد ‪52‬‬                              ‫‪170‬‬

                              ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                           ‫سيميك في مزج الصور‬
                                                                  ‫بالنزعة الفلسفية القوية‪.‬‬
‫الأغنية التي تتكرر‪ .‬لا شيء‬          ‫تقدم العبارة المقتبسة‬        ‫ويذكرنا أي ًضا أن سيميك‬
‫يحدث في القصيدة الغنائية‪،‬‬        ‫للمجموعة (دعونا الفالس‬       ‫يكون في أفضل حالاته عندما‬
‫فهي اعتراف عظيم باللحظة‬                                           ‫لا يكتفي بإنشاء مشاهد‬
                                  ‫الرومبا) ‪-‬وهي اقتباس‬          ‫غامضة ولاذعة‪ ،‬بل يسعى‬
     ‫الآنية‪ .‬ولكن في الجملة‬         ‫من أغنية فاتس والر‪-‬‬          ‫قبل كل شيء إلى الكشف‬
   ‫النثرية هناك أحداث تقع‪.‬‬      ‫دلي ًل أساسيًّا للتشابك بين‬     ‫عن الدلالة البدهية والذاتية‬
    ‫قصيدة النثر جدلية بين‬         ‫الإيقاعات والأجواء التي‬        ‫للأحداث التي تبدو عادية‬
   ‫الاثنين‪ ،‬أنت تكتب جم ًل‪،‬‬        ‫تميِّز عمل سيميك ككل‪.‬‬       ‫«من داخل القدر على الموقد‪،‬‬
‫وتحكي قصة‪ ،‬ولكن القطعة‬        ‫وتأتي الإشارة إلى موسيقى‬            ‫شخص ما يهدد النجوم‬
  ‫مثل القصيدة‪ ،‬لأنها تدور‬         ‫الجاز بشكل غير مباشر‬            ‫بملعقة خشبية‪ .‬فيما عدا‬
   ‫حول نفسها مرة أخرى»‬         ‫للدلالة على البنية التجميعية‬       ‫ذلك هدوء صاف‪ .‬ساعة‬
                               ‫لقصائده النثرية‪ ،‬حيث يت ُّم‬
             ‫(ماكودا ‪.)57‬‬     ‫التركيز على مساحة الوقفات‬             ‫الراعي» (‪ .)69‬يمكن‬
     ‫يتعلق أحد التضمينات‬          ‫ذات المغزى‪ ،‬والتغييرات‬       ‫للمرء أن يربط هذا الاهتمام‬
‫الرئيسية الناشئة عن مفهوم‬     ‫متعددة الإيقاع بين القصائد‬
      ‫سيميك لقصيدة النثر‬      ‫بشكل عام‪ ،‬وداخل القصائد‬            ‫الخاص باستخدامه شكل‬
    ‫بدائرية المرجعية الذاتية‬     ‫نفسها‪ .‬نفور سيميك من‬         ‫قصيدة النثر بديوانه (العالم‬
   ‫للنوع الأدبي‪ ،‬حيث تفهم‬           ‫النمو الخطي والشكل‬
    ‫مرة أخرى على أنها حل‬           ‫العضوي‪ ،‬بالإضافة إلى‬           ‫لا ينتهي)‪ .‬ففي كل قطع‬
  ‫وسط إبداعي بين الوجود‬           ‫ولعه بالقفزات الترابطية‬         ‫المجموعة الشعرية يكون‬
     ‫النموذجي البرجماطي‬       ‫والانزياحات المجازية (يشهد‬           ‫الصوت المتحدث «تنطق‬
  ‫للغنائي‪ ،‬والوجود الخطي‬         ‫عليها أيضا وجود العديد‬        ‫قصائد النثر بطريقة معينة‪،‬‬
     ‫التتابعي للسرد‪ .‬فطب ًقا‬      ‫من الأحلام السردية في‬
   ‫لسيميك نفسه‪ ،‬فقد تعلَّم‬      ‫المجموعة الشعرية)‪ ،‬يمكن‬             ‫لا تغنِّى (ليجل ‪»)215‬‬
  ‫من ثيودور روثكي كيفية‬       ‫فهمه بشكل أفضل في ضوء‬              ‫مشدو ًدا إلى صوت نزيه‪،‬‬
   ‫الدخول إلى الموضوع من‬       ‫مفهومه عن النوع باعتباره‬         ‫وغالبًا ما يكون قدر ًّيا‪ ،‬مما‬
    ‫زوايا مختلفة‪ ،‬بالإضافة‬     ‫ديالكتيكيًّا هجينًا بين النمط‬   ‫يضفي نو ًعا من الموضوعية‬
    ‫إلى حرية كبيرة‪ ،‬والقيام‬      ‫الغنائي والنمط السردي‪.‬‬
‫بقفزات خيالية غير متوقعة‪،‬‬       ‫فقصيدة النثر ‪-‬كما كتب‪-‬‬               ‫المباشرة على الأحداث‬
   ‫ثم إعادة ترتيب القصيدة‬        ‫« ُتقرأ مثل السرد‪ ،‬ولكنها‬       ‫الغريبة‪ ،‬والصور العجيبة‬
     ‫بأكملها بشكل دوري‪..‬‬      ‫تعمل عمل القصيدة الغنائية‪،‬‬         ‫المدهشة للبشر في قصائد‬
  ‫طريقة مثالية لتجنب النمو‬         ‫لأنها تعتمد على تجاور‬         ‫سيميك‪ .‬فقصائده النثرية‬
    ‫السردي (ماتوز ‪.)363‬‬         ‫الصور‪ ،‬وتحولات العبارة‬           ‫على حد تعبير كريستوفر‬
 ‫اقتراح سيميك بأن قصيدة‬        ‫غير المتوقعة» (عاطل ‪،)118‬‬        ‫بيكلي مثل الحكاية الشعبية‬
  ‫النثر (تدور حول نفسها)‪،‬‬       ‫وتعلي ًقا على اختياره شكل‬        ‫تما ًما‪ ،‬تمزج بين الأحداث‬
‫يشير ضمنيًّا إلى أن شعرية‬          ‫قصيدة النثر في ديوانه‬      ‫المدهشة للماضي الأسطوري‬
     ‫قصيدة القطعة النثرية‬        ‫(العالم لا ينتهي) أضاف‬        ‫والتاريخي بصوت (شاهد)‬
   ‫تكمن جزئيًّا على الأقل في‬       ‫سيميك «الدافع الغنائي‬          ‫غير عاطفي تماما يروي‬
  ‫طبيعتها المستقلة وذاتيتها‬       ‫هو الدافع الذي يظ ُّل فيه‬    ‫حقيقة «ما يشاهده المتحدث‬
 ‫المرجعية‪ .‬فالتكامل الدائري‬     ‫كل شيء ثابتًا‪ ،‬وهذا يشبه‬          ‫من أحداث‪ ،‬وكيف يمكن‬
‫لقصيدة النثر ‪-‬عكس الشعر‬                                         ‫حلها‪ ،‬وكيف يمكن وقوعها‬
                                                               ‫في عالم مثل عالمنا» (‪.)100‬‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177