Page 174 - merit 52
P. 174

‫غير المبرر‪ ،‬يقول سيميك‬      ‫يتسم الموقف الفلسفي الكامن وراء‬
  ‫«نحن نعيش في زمن توجد‬           ‫الكتابات القصيرة لسيميك بالحاجة‬
  ‫فيه مئات الأساليب لمقاربة‬     ‫المستمرة أو القصور المستمر للإيمان‬

   ‫ووصف العالم‪ .‬كل شيء‬               ‫بالنظم الفلسفية والأيديولوجية‬
   ‫يمكن اعتقاده من مختلف‬          ‫العظيمة‪ .‬بالنسبة للقوى المنظمة‬
‫الأديان حتى مختلف الأنواع‬
 ‫من العلوم» (عاطل ‪.)3 -2‬‬               ‫للعقل المنطقي‪ ،‬فنجد سيميك‬
 ‫فالشعر الحديث ‪-‬كما يشير‬       ‫يعارض الحكمة المتواضعة للحكايات‬
 ‫سيميك في مكان آخر‪ -‬ليس‬
                                ‫الشعبية والأحاجي والأقوال المأثورة‬
      ‫أكثر من تمثيل درامي‬         ‫والأمثال‪ ،‬بالإضافة إلى ومضاته ذات‬
 ‫(لقدرة كيتس السلبية)‪ ،‬أي‬
 ‫القدرة على التواجد في حالة‬     ‫الإطار المتواضع من البصيرة‪ ‬التخيلية‬

   ‫من عدم اليقين والشكوك‬         ‫على الليل المظلم‪ ،‬ثم استدار‬         ‫في انتقال نموذجي من‬
      ‫والألغاز دون توتر في‬          ‫نحوك أي ًضا‪ ،‬وأنت تع ُّد‬       ‫القصصي إلى العام‪ ،‬يبلغ‬
                                     ‫نفسك للقراءة‪ ،‬بطريقة‬           ‫ذروته في ملاحظة شبه‬
‫الوصول إلى الحقائق والعقل‪،‬‬                                     ‫مأثورة‪ ،‬فالأصوات المشوشة‬
   ‫لذلك فالشاعر المعاصر في‬      ‫مسرحية إلى ح ٍّد ما‪ ،‬وبوجه‬        ‫لقصائد النثر لدى سيميك‬
                                   ‫يتح َّول إلى اللون الأحمر‪،‬‬   ‫هي أعراض لمنطق الغموض‬
‫منطق سيميك وطب ًقا لتعريف‬                                         ‫والارتباك اللذين يسودان‬
‫والاس ستيفنز‪ -‬ميتافيزيقيا‬      ‫قصيدة الحب الطويلة المشتتة‬      ‫عمله‪ ،‬كتب سيميك في التفكير‬
                                  ‫التي مقطعها الأخير (غير‬        ‫في النقص الحالي لمستمعي‬
    ‫في الظلام (مدهش ‪.)63‬‬         ‫معروف لك) مفقود بشكل‬
 ‫قصيدة ما بعد الهولوكست‬                 ‫ميؤوس منه (‪.)58‬‬             ‫الشعر‪ ،‬وتراجع اهتمام‬
 ‫على وجه الخصوص تتوقف‬                  ‫بعد أن فقد الشعراء‬                ‫الجمهور بالشعر‪:‬‬

    ‫عن الكشف عن الحقائق‬         ‫سلطتهم التقليدية بوصفهم‬         ‫زمن الشعراء الصغار قادم‪.‬‬
   ‫المؤقتة والنسبية‪ ،‬وتصبح‬     ‫شخصيات عامة‪ ،‬يجب عليهم‬              ‫مع ويتمان‪ ،‬وديكنسون‪،‬‬

       ‫بد ًل من ذلك نو ًعا من‬      ‫أن يطوروا استراتيجيات‬         ‫وفروست‪ .‬مرحبًا بك الذي‬
 ‫المغناطيس للقوى التاريخية‬            ‫إبداعية لملاءمة الوعي‬       ‫لن تتجاوز شهرته أب ًدا ما‬
  ‫والأدبية والنفسية المعقدة‪،‬‬                                     ‫وراء حدود عائلتك‪ ،‬وربما‬
                                ‫المجزأ للعصر‪ .‬تلمح قصائد‬         ‫اجتمع صديق أو صديقان‬
     ‫فض ًل عن كونها طريقة‬           ‫سيميك النثرية أن اللغة‬        ‫بعد العشاء على إبريق من‬
‫للحفاظ على الذات في مواجهة‬
 ‫هذا التعدد (غير مؤكد ‪.)83‬‬     ‫الشعرية قادرة على استعادة‬              ‫النبيذ الأحمر القوي‪..‬‬
‫هذه هي بعد كل شيء ترتبط‬          ‫قدرتها الإيحائية من خلال‬         ‫إنه ثلج‪ .‬يقول أحدهم ذلك‬

  ‫الطبيعة الأساسية لشعرية‬         ‫المباشرة‪ ،‬ولكنها مباشرة‬           ‫الذي ألقى نظرة خاطفة‬
          ‫سيميك بالتناقض‪.‬‬          ‫شديدة الوعي بمضمون‬
        ‫من هذا المنظور فإن‬       ‫عصرها‪ ،‬وشطحه الخاص‬

      ‫قصائد النثر في ديوان‬
   ‫(العالم لا ينتهي)‪ ،‬تذكرنا‬
     ‫بوضوح بسمة أساسية‬
   ‫من السيريالية الفرنسية‪،‬‬
‫حيث تتمسك بمفهوم أندريه‬

      ‫بريتون الفرويدي عن‬
   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179