Page 178 - merit 52
P. 178

‫العـدد ‪52‬‬                            ‫‪176‬‬

                                  ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                     ‫وتعلي ًقا على إعجاب كورنيل‬
                                                                  ‫بهوديني‪ ،‬ذهب سيميك إلى‬
‫المدينة يوجد أشياء لا حصر‬          ‫والملصقات‪ ،‬والإعلانات من‬     ‫أبعد من نقيض هذه العملية‪،‬‬
    ‫لها مثيرة للاهتمام‪ ،‬وفي‬           ‫جميع الأشكال والأنواع‬
                                        ‫التي تحتوي على شعر‬           ‫من خلال اقتراح أن ما‬
 ‫أماكن غير محتملة لا حصر‬                                        ‫ندركه على أنه (هناك) يمكن‬
  ‫لها)» (‪ ،)14‬يسمح سيميك‬            ‫عصرنا (‪ ،)18‬ورامبو «ألم‬
 ‫لنفسه بصناعة الدهشة من‬                 ‫يقل إنه يحب اللوحات‬        ‫أن يكون في الواقع وهميًّا‬
‫الأشياء غير المهمة والمألوفة‪،‬‬                                     ‫مثل نتاج الخيال‪« :‬الطبيعة‬
  ‫مثله مثل بودلير وجويس‪،‬‬          ‫التافهة واللافتات‪ ،‬والنقوش‬    ‫أي ًضا تصنع الأشياء المزيفة‪..‬‬
  ‫فيعتبر المدينة مكا ًنا جدي ًدا‬  ‫الشعبية‪ ،‬والكتب المثيرة ذات‬
                                                                    ‫إن غروب أشعة الشمس‬
     ‫لإعادة تحديد وتعريف‬            ‫التهجئة السيئة‪ ،‬وحكايات‬           ‫الرائعة هذا هو مجرد‬
   ‫الشكل الشعري‪ ،‬فيصبح‬                  ‫جداتنا؟» الذي في رأي‬
‫وسيلة للاحتفال بالأشياء أو‬                                        ‫أوهام‪ ،‬ولا يمكن أن يكون‬
  ‫الأحداث التي يت ُّم اعتبارها‬    ‫سيميك «كان يسير في امتداد‬        ‫صحي ًحا بالنسبة للأشياء‬
    ‫تافهة أو مبتذلة‪« .‬الشعر‬       ‫الشارع الرابع عشر‪ ،‬ويكتب‬
   ‫ثلاثة أحذية غير متطابقة‬        ‫العديد من إشراقاته)» (‪.)21‬‬         ‫والخصائص الحقيقة)»‬
     ‫عند مدخل نفق مظلم)»‬          ‫أما بالنسبة لكورنيل سيميك‬                         ‫(‪.)36‬‬
 ‫يقول سيميك مرد ًدا مقارنة‬
 ‫بودلير بين الشاعر الحديث‬               ‫فهو نموذج على طراز‬      ‫السؤال الأساسي الذي ينشأ‬
  ‫وبائع الخرق الذي ينحني‬              ‫الحركة البودليرية‪ ،‬حيث‬    ‫بواسطة هذا الطمس المزدوج‬
  ‫مختب ًرا «أرشيفات الفجور‪،‬‬         ‫يتج َّول في شوارع منهاتن‬    ‫للحدود المقبولة بين الواقعي‬
‫وفوضى القمامة‪ ،‬ويجمع كل‬             ‫في كسل ظاهر (‪ .)7‬مهمته‬
   ‫ما طردته المدينة العظيمة‪،‬‬           ‫الأساسية بوصفه فنا ًنا‬       ‫والخيالي‪ ،‬هو كيف يمكن‬
   ‫وكل ما احتقرته ودمرته»‬              ‫تتمثل في فهم الإيقاعات‬   ‫للفنان المعاصر‪ ،‬فنان ما بعد‬
                                    ‫الصاخبة للمدينة الحديثة‪،‬‬    ‫المحاكاة‪ ،‬أن يستعيد الشعور‬
           ‫(الفراديس ‪.)74‬‬         ‫وهي إيقاعات غالبًا ما تكون‬
      ‫يتك َّون (كيمياء متجر)‬           ‫سخيفة وعبثية‪ ،‬يصفها‬         ‫بالأهمية الجمالية للفن في‬
     ‫من «العديد من المشاهد‬         ‫سيميك على أنها «متاهة من‬     ‫العالم الحديث؟ تكمن الإجابة‬
   ‫الحية للحياة المدنية‪ ،‬حيث‬          ‫التناظرات‪ ،‬وغابة رمزية‬
    ‫تمتزج الواقعية المباشرة‬       ‫للتشابهات» (‪ .)11‬تعيدنا كل‬       ‫بالنسبة لسيميك في قدرة‬
     ‫والسيريالية والأحلام‪،‬‬          ‫هذه الأشياء بشأن تأملاته‬       ‫المرء على «رؤية الشعر في‬
   ‫ويشكل ذلك إلى حد بعيد‬              ‫إلى ما كتبه بودلير حول‬    ‫كل مكان» (‪ ،)18‬بما في ذلك‬
      ‫حالة من الاندماج بين‬        ‫سأم باريس في إطار معرفته‬         ‫الواقع الأكثر حضو ًرا في‬
  ‫الواقعية المدنية والفانتازيا‪،‬‬   ‫«بحياة المدن الكبرى المملوءة‬   ‫حياتنا اليومية‪ .‬يقول جيرار‬
   ‫ذلك الاندماج الذي يدعي‬           ‫باحتشاد وتفاعل العلاقات‬     ‫دي نيرفال في كتابه (المشكل‬
 ‫إليوت أنه ورثه عن بودلير»‬             ‫التي لا تعد ولا تحصى‬
‫(نقد ‪ .)126‬ولكن في تصوير‬          ‫داخلها» (سأم باريس ‪،)25‬‬           ‫الأدبي) «إن الإنسان قد‬
       ‫سيميك (للمدينة غير‬            ‫وبالمثل تشكلت ‪-‬كتشابه‬           ‫د َّمر شيئًا فشيئًا ومزق‬
 ‫الواقعية) نجد أن السخرية‬          ‫قائم على الصدفة‪ -‬الأحداث‬     ‫النوع الأبدي من الجمال إلى‬
 ‫المريرة واليأس الميتافيزيقي‬                                      ‫ألف قطعة صغيرة» (‪،)22‬‬
 ‫لقصائد إليوت تفسح المجال‬              ‫التافهة‪ ،‬وقطع الخردة‪،‬‬       ‫ويرى سيميك أن كورنيل‬
    ‫لاهتمام ساخر يرتبط في‬              ‫والمحلات غير المرغوب‬        ‫(وجدها في المدينة‪ ،‬وأعاد‬
                                     ‫فيها‪ ،‬كلها بمثابة طاحونة‬    ‫تجميعها)‪ .‬يستدعي سيميك‬
                                        ‫ترانيم بصرية للمدينة‬       ‫أي ًضا روح غيوم أبولينير‬
                                     ‫الحديثة لدى كورنيل‪« .‬في‬         ‫الذي تحدث عن مصدر‬
                                                                  ‫جديد للإلهام‪ ،‬في النشرات‬
                                                                     ‫المطبوعة والكتالوجات‪،‬‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183