Page 183 - merit 52
P. 183

‫‪181‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫دانييل خارمز‬              ‫جيمس تايت‬                         ‫ولكن لا يوجد أحد في كامل‬
                                                               ‫قواه العقلية ليدعي أن الشعر‬
   ‫العملية حفظ قصائدي على‬        ‫مرة وراء أخرى‪ ،‬بل وكثي ًرا‬
    ‫الأقراص المرنة‪ .‬وفي أحد‬      ‫كنت أقوم بشطبها‪ .‬كما أنها‬         ‫الأصيل يجب بالضرورة‬
   ‫الأيام‪ ،‬ولم يكن لد َّي شيء‬  ‫تحتوي أي ًضا‪ ،‬خلال السنوات‬       ‫أن يلتزم دون حياد بالقافية‬
   ‫آخر للقيام به‪ ،‬وحيث إنني‬    ‫التي سبقت نشر ذاك الديوان‪،‬‬
  ‫فجأة بدأت أستعذب إيقاعها‬        ‫أشكا ًل أخرى من الكتابات‪،‬‬        ‫والأوزان المنتظمة‪ .‬أما في‬
 ‫على أذني‪ ،‬قمت بقراءة بعض‬                                       ‫حالة الشعر النثري‪ ،‬فيختلف‬
‫هذه القطع القصيرة من النثر‬           ‫التي كانت تشبه مقاطع‬      ‫الأمر كلية‪ .‬فعندما فاز ديوان‬
    ‫ونسخها‪ ،‬ولم يكن أغلبها‬        ‫روائية‪ ،‬بالاضافة إلى أفكار‬    ‫لي‪ ،‬يتكون بأكمله من قصائد‬
 ‫سوى بضع مقاطع قصيرة‪.‬‬             ‫لقصائد تتكون من عبارات‬
                                   ‫فردية وصور مجازية تم‬          ‫نثرية‪ ،‬بجائزة بوليتزر عام‬
       ‫ومع ذلك‪ ،‬كنت أشعر‬                                            ‫‪ ،1990‬أقام بعض النقاد‬
   ‫أنني ربما قد جمعت المادة‬                    ‫لضمها م ًعا‪.‬‬
‫الضرورية لكتاب‪ .‬وبعد أشهر‬            ‫ومن عاداتي العودة إلى‬     ‫الأدبيين المحافظين الدنيا ولم‬
   ‫عدة من التململ‪ ،‬وتقليص‬         ‫دفاتري القديمة بين الحين‬         ‫يقعدوها‪ ،‬وطالبوا بمعرفة‬
 ‫المسودة إلى ‪ 68‬قطعة‪ ،‬ذهبت‬     ‫والآخر‪ ،‬لأرى ما إذا كان هناك‬       ‫كيفية منح جائزة‪ ،‬الغرض‬
   ‫إلى محررة أعمالي‪ ،‬والتي –‬      ‫أي من المسودات المهجورة‬         ‫منها تبجيل الشعر‪ ،‬لشيء‬
  ‫لدهشتي‪ -‬اقترحت نشرها‪.‬‬          ‫التي يمكن إعادة إحيائها‪ .‬لم‬        ‫لا يمت في جوهره بصلة‬
‫والغريب في الأمر أن التساؤل‬    ‫أهتم أب ًدا بهذه الأمور الأخرى‬
‫حول مسمى ما لهذه الكتابات‬        ‫حتى جاء فصل الصيف من‬            ‫للشعر‪ .‬لم أهتم بالدفاع عن‬
                               ‫عام ‪ ،1988‬عندما ورثت جهاز‬           ‫نفسي أمام من اتهموني‪،‬‬
     ‫الصغيرة لم يطرأ سوى‬       ‫كمبيوتر من ابني‪ ،‬وقررت أن‬
   ‫حينها‪ .‬فقلت للمحررة‪« :‬لا‬     ‫أعلم نفسي كيفية استخدامه‪،‬‬        ‫بل إن كنت فعلت‪ ،‬وإن كنت‬
‫تطلقي عليه أي مسمى»‪ .‬فكان‬          ‫ومن ثم أحاول خلال هذه‬        ‫حاولت أن أشرح لهم القصة‬
                                                                 ‫الحقيقية وراء كتابة قصائد‬

                                                                   ‫ديوان «العالم لا ينتهي»‪،‬‬
                                                               ‫فإن غضبهم كان ولا شك قد‬
                                                               ‫تفاقم‪ .‬إليكم إ ًذا أخي ًرا اعترافي‪:‬‬

                                                                  ‫لم يحدث في حياتي قط أن‬
                                                                   ‫أمسكت بالقلم بنية كتابة‬
                                                                 ‫قصيدة نثرية‪ ،‬أي أن كل ما‬
                                                                  ‫ورد في هذا الكتاب جاءني‬

                                                                         ‫بمحض المصادفة‪.‬‬
                                                               ‫كنت أعرف عد ًدا من الشعراء‬
                                                               ‫المعاصرين ممن كانوا يكتبون‬

                                                                   ‫القصائد النثرية‪ ،‬وكان ما‬
                                                                ‫يكتبونه ينال إعجابي‪ ،‬إلا أنه‬
                                                                 ‫بالنسبة لي فإن نظم الشعر‬
                                                                 ‫كان دائ ًما يركز على الشكل‪،‬‬

                                                                    ‫ثم السعي حثيثًا لإيجاد‬
                                                                 ‫الكلمات التي تتناسب داخل‬

                                                                   ‫البيت أو المقطع الشعري‪.‬‬
                                                                 ‫وتمتلئ دفاتري بأبيات من‬
                                                                 ‫الشعر التي قمت بمراجعتها‬
   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188