Page 186 - merit 52
P. 186

‫العـدد ‪52‬‬                               ‫‪184‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                            ‫بريان كليمنتس وجايمي‬
                                                                   ‫دونهام تصنيف عدة أشكال‬
   ‫أدق‪ ،‬ما الذي جعلني أعتبر‬     ‫من الدفتر الأزرق رقم‬               ‫من القصائد النثرية القائمة‪.‬‬
  ‫المقاطع التي عثرت عليها في‬     ‫‪ 10‬قصيدة للشاعر‬                   ‫ولعل بعض الأنواع الأربعة‬
                                ‫الروسي دانييل خارمز‬
            ‫دفاتري قصائد؟‬                                            ‫وعشرين التي يناقشونها‬
  ‫إن الاجابة عن هذا التساؤل‬       ‫كان هناك قدي ًما رجل أحمر‬            ‫ويقدمون أمثلة لها أكثر‬
 ‫تقع في التناقض الذي أشرت‬          ‫الشعر لم يكن له عيون أو‬
   ‫إليه ساب ًقا‪ ،‬فالشعر النثري‬     ‫آذان‪ ،‬كما لم يكن له شعر‪،‬‬          ‫إقنا ًعا عن غيرها‪ .‬فلا شك‬
                                ‫فأطلق عليه ذو الشعر الأحمر‬             ‫أن استخدام الطرفة‪ ،‬أو‬
    ‫هو الطفل المشوه لدافعين‬
    ‫من الدوافع غير المتوافقة‪،‬‬                   ‫مجا ًزا فقط‪.‬‬     ‫الحكاية‪ ،‬أو السيرة الذاتية‪ ،‬أو‬
 ‫يسعى أحدها إلى حكي قصة‬         ‫لم يكن قاد ًرا على الكلام‪ ،‬لأنه‬   ‫الاستعارة الممتدة‪ ،‬أو الحكاية‬
 ‫ما‪ ،‬بينما يحاول الآخر‪ ،‬وهو‬     ‫لم يملك ف ًما‪ ،‬ولم يكن له أنف‬      ‫الرمزية‪ ،‬أو وصف الأشياء‪،‬‬
    ‫يتمتع بذات القوة‪ ،‬تجميد‬
   ‫الصورة البلاغية‪ ،‬أو اللفظ‬                         ‫أي ًضا‪.‬‬           ‫أو القوائم أو الحوارات؛‬
  ‫اللغوي‪ ،‬لنمحصه بدقة‪ .‬وفي‬       ‫بل لم يكن له أذرع أو أرجل‪.‬‬        ‫كانت من الأشكال التي جاء‬
‫النثر‪ ،‬تأتي الجملة تلو الجملة‬                                       ‫ذكرها كثي ًرا‪ ،‬إلا أن ميشيل‬
 ‫إلى أن تتم ما شرعت التعبير‬        ‫ولم يكن له معدة ولم يكن‬         ‫ديلفيل أبرز أن القصيدة قد‬
  ‫عنه‪ ،‬أما الشعر‪ ،‬فإنه ينسج‬       ‫له ظهر‪ ،‬ولم يكن له عامود‬
‫حول نفسه‪ .‬وعندما نصل إلى‬        ‫فقري‪ ،‬ولم يكن له أية أعضاء‬           ‫توحي في أحيان كثيرة في‬
  ‫نهاية القصيدة‪ ،‬فإننا في تلك‬     ‫داخلية‪ .‬لم يكن يملك شيئًا‪.‬‬       ‫مطلعها بنوع أدبي ما‪ ،‬لكنها‬
‫اللحظة نريد العودة إلى بدايتها‬    ‫لذا يصعب علينا تحديد من‬        ‫سرعان ما تتخلى عن مظهرها‬
    ‫وإعادة قراءتها‪ ،‬متوقعين‬                                         ‫وتصبح شيئًا مختل ًفا تما ًما‬
   ‫أن هناك المزيد الذي لم نره‬                  ‫نتحدث عنه‪.‬‬          ‫مع النهاية‪ .‬كما أنه يتساءل‬
  ‫بالعين المجردة‪ .‬أما القصائد‬     ‫ومن الأفضل أن لا نتحدث‬          ‫إن كان هناك عدد من الأنواع‬
  ‫النثرية‪ ،‬فهي تستدعي قوانا‬
   ‫وقدراتنا على الربط الخيالي‬                 ‫عنه بعد ذلك‪.‬‬             ‫الأدبية للقصائد النثرية‬
                                ‫أما القاص والكاتب المسرحي‬        ‫توازي عدد ممارسيها‪ .‬وأتفق‬
      ‫بين ما يبدو شظايا غير‬
 ‫مترابطة من اللغة‪ ،‬كما اتضح‬         ‫الطليعي الروسي العجوز‬            ‫معه في ذلك‪ ،‬فكيف لك أن‬
                                 ‫دانييل خارمز‪ ،‬فعلى الأرجح‬           ‫تصف نو ًعا أدبيًّا يتشدق‬
   ‫لكل من قرأ هذه الإبداعات‬                                        ‫بالحرية اللفظية الكاملة‪ ،‬بل‬
   ‫التي تصعب على الفهم وإن‬           ‫لم يعتبر هذه القطعة من‬         ‫وكل تعميم قد تصيغه عنه‬
‫كانت دائ ًما أصيلة ولا تنسى‪.‬‬           ‫كتاباته قصيد ًة‪ ،‬ومن‬       ‫يناقضه قصيدة ما لا تتصف‬
  ‫فهي تبدو كأنها نثر‪ ،‬وتقوم‬                                           ‫بأي من الخصائص التي‬
  ‫بدورها كقصيدة‪ ،‬حيث إنها‬          ‫الطبيعي‪ ،‬فإن الدافع وراء‬       ‫ذكرت للتو! وكما كتب راسل‬
   ‫‪-‬على الرغم من كل شيء‪-‬‬           ‫كتابة مثل هذه القطعة هو‬           ‫إيدسون قائ ًل‪« :‬إن كانت‬
                                  ‫الهروب من كافة المسميات‪.‬‬        ‫القصيدة النثرية المكتملة تعد‬
      ‫تتحول إلى فخ لخيالاتنا‬       ‫بل إن ديفيد ليمان‪ ،‬محرر‬          ‫عم ًل أدبيًّا‪ ،‬فإن هذا في حد‬
                  ‫‪------‬‬        ‫ديوان «قصائد نثرية أمريكية‬       ‫ذاته أمر عرضي ناتج عن فعل‬
                   ‫المصدر‪:‬‬        ‫عظيمة» (‪ ،)2003‬فيرى أن‬          ‫الكتابة ذاته»‪ .‬كما يضيف في‬
                                ‫بعض الأعمال التي ضمها في‬         ‫محل آخر أن ما يجعلنا نعجب‬
   ‫‪https://plumepoetry.‬‬          ‫الديوان قد تعد شع ًرا وقصة‬      ‫بالقصيدة النثرية بهذا الشكل‬
    ‫‪com/essay-on-the-‬‬            ‫قصيرة على حد سواء‪ .‬وعلى‬               ‫إنما غياب التكلف‪ ،‬وقلة‬
                                 ‫الرغم من ذلك‪ ،‬يظل السؤال‬
       ‫‪prose-poem-by-‬‬            ‫طار ًحا نفسه‪ :‬ما الذي يجعل‬             ‫توقعاتها أو طموحها‪.‬‬
          ‫‪/charles-simic‬‬           ‫كتابة ما شع ًرا؟ أو بتعبير‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191