Page 189 - merit 52
P. 189

‫‪187‬‬             ‫الملف الثقـافي‬

‫جيمس بيلينغتون‬  ‫توماز سالامون‬      ‫إرنست هيمنغواي‬                  ‫لقد كان تشارلز سيميك دائ ًما‬
                                                                        ‫يتحدى ويسعد جمهوره‬
‫شعره يبدو بطريقة ما مألوف‬          ‫تغييره أو فهمه أو حله بشكل‬
 ‫بشكل غريب وأمريكي بشكل‬                ‫صحيح‪ ،‬وفي وقت لاحق‪،‬‬          ‫بكتابة جميلة وسريالية تجبر‬
                                                                       ‫الناس على النظر في صحة‬
    ‫أساسي‪ ،‬حيث لا يستطيع‬            ‫ولتكريس أيامه المتبقية‪ ،‬تجد‬        ‫تصوراتهم الخاصة‪ ،‬ففي‬
‫سوى شخص خارجي تصوير‬                    ‫الاهتمام بالضوء الداخلي‬
                                                                    ‫مجموعته الموسومة (خربش‬
    ‫وطنه بالتبني‪ ،‬هذا الشاعر‬       ‫والذي يسمح له بالسير بدون‬          ‫في الظلام) ‪Scribbled In‬‬
‫الذي ولد في بلجراد وهاجر إلى‬        ‫تعثر‪ ،‬يتفوق عليه الليل شيئًا‬        ‫‪ The Dark‬يقدم سيميك‬
‫أمريكا عندما كان مراه ًقا‪ ،‬لكن‬                                          ‫مقتطفات قصيرة ومتقنة‬
                                                      ‫فشيئًا»‪.‬‬
 ‫الشاب كان مفتو ًنا علي الفور‬         ‫ففي قصائده المبكرة كانت‬      ‫الصنع مليئة بمجموعة متنوعة‬
‫بالطاقات الصاخبة في شيكاغو‬            ‫الأشياء والاتفاقيات مجرد‬          ‫من الأشخاص في بيئات‬

  ‫ونيويورك‪ ،‬لقد طور أسلو ًبا‬            ‫ألعاب يستطيع عقله‪ ،‬مع‬      ‫عادية بشكل غريب‪ :‬من بينهم‬
 ‫في الكتابة بإلقاء بسيط‪ ،‬واث ًقا‬   ‫شعور الطفل القاسي باللعب‪،‬‬        ‫قاضي نائم في قاعة المحكمة‪،‬‬
‫في صوره الصارخة التي تترك‬                                          ‫وشخص فقد في الثلج‪ ،‬وصبي‬
                                        ‫تفكيكها وإعادة تشكيلها‬
   ‫بصماتها علي خيال القارئ‪،‬‬              ‫هكذا «يصبح زوج من‬             ‫صغير يراقب قطة بيضاء‬
  ‫فدائ ًما يتذكر الشاعر طفولته‬                                       ‫ضالة تنظر إلى نوافذ الناس‪.‬‬
                                    ‫الأحذية وج ًها سر ًّيا لحياتي‬   ‫كذلك الحال نجد في مجموعة‬
   ‫في يوغسلافيا التي دمرتها‬            ‫الداخلية»‪ ..‬على حد رؤية‬
  ‫الحرب‪ ،‬وكيف أنه بينما كان‬                                              ‫سيميك (المجنونة) ‪The‬‬
  ‫الكبار ُيستهلكون في النضال‬          ‫سيميك‪ ،‬الذي يظهر سكينًا‬         ‫‪ Lunatic‬أن القصائد تنقل‬
                                     ‫وشوكة بسيطين كتعويذات‬         ‫شعو ًرا بالأهواء وتيا ًرا شري ًرا‬
       ‫من أجل البقاء‪ ،‬س ُيترك‬
    ‫الأطفال لألعابهم الخاصة‪،‬‬           ‫غريبة لبعض الحضارات‬              ‫خفيًّا‪ ،‬كما لو كانت تشير‬
 ‫حيث أصبحت شوارع بلجراد‬             ‫البدائية لا يستطيع اكتشافها‬       ‫إلى أنه لا توجد لحظة مليئة‬
     ‫المدمرة ملعبًا خياليًّا لهم‪،‬‬   ‫سوى شاعر‪ ،‬وأنه على الرغم‬           ‫بالبهجة تما ًما‪ ،‬فعلي سبيل‬
                                                                    ‫المثال يصف سيميك‪« :‬فطيرة‬
                                      ‫من الهلوسة الهادئة إلا أن‬      ‫الكرز التي تبرد من النافذة‪،‬‬
                                                                    ‫سرعان ما أفسدها الشيطان‪،‬‬

                                                                       ‫الذي أدخل إصبعه فيها»‪.‬‬
                                                                       ‫هذه الازدواجية نجدها في‬
                                                                   ‫جميع قصائد تشارلز سيميك‪،‬‬
                                                                       ‫حيث نجده يتذكر ذكريات‬
                                                                      ‫الطفولة‪ ،‬ويأخذ في الاعتبار‬
                                                                    ‫أخبار العالم‪ ،‬واحتلال موطنه‬
                                                                       ‫يوغسلافيا‪ ،‬ويزداد وعيه‬
                                                                     ‫بفنائه وفناء الآخرين‪ ،‬وهذا‬
                                                                    ‫ما يؤكده سيميك في قصيدته‬
                                                                     ‫(كثير من الرجال المقدسين)‬
                                                                      ‫والتي يصف فيها سيميك‪:‬‬
                                                                     ‫«رجل يكافح من أجل صنع‬
                                                                    ‫السلام مع كل شيء لا يمكن‬
   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194