Page 184 - merit 52
P. 184

‫العـدد ‪52‬‬                            ‫‪182‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                        ‫ردها‪« :‬بل عليك تسميتها‬
                                                              ‫اس ًما ما‪ ،‬حتى تتمكن المكتبات‬
 ‫فقد بدت سلسة‪ ،‬تنساب كما‬         ‫لي وللقاريء‪ .‬وهذا ما كتبته‬
‫الحال مع كل القصائد النثرية‪،‬‬                 ‫في هذا الشأن‪:‬‬          ‫من تصنيف الكتاب على‬
                                                                  ‫الأرفف»‪ .‬وبعد التفكير في‬
 ‫بوصف جيمس تايت «مغلفة‬                 ‫قام الغجر بخطفي‪،‬‬         ‫الأمر مليًّا‪ ،‬ومع بعض القلق‬
 ‫ببساطة مخادعة‪ :‬أي في هيئة‬             ‫ثم اختطفني والدي‬          ‫من جانبي‪ ،‬قررنا في نهاية‬
 ‫المقطع»‪ .‬فجاءت تلقائية دون‬         ‫لاستعادتي‪ ،‬فاختطفني‬         ‫الأمر أن نطلق عليها قصائد‬
                                ‫الغجر مرة أخرى‪ .‬واستمر‬
    ‫تفكير مسبق‪ ،‬وعلى الرغم‬      ‫الأمر على هذا المنوال لفترة‬                        ‫نثرية‪.‬‬
  ‫من ذلك‪ ،‬كانت قائمة بذاتها‪،‬‬     ‫من الزمن‪ .‬فكنت في لحظة‬               ‫وعندما عدت إلى هذه‬
 ‫بل وكان لها منطقها المجنون‬      ‫أسكن منز ًل متنق ًل‪ ،‬أرضع‬      ‫الأعمال‪ ،‬بدأت في استرجاع‬
                                   ‫من الحلمة الداكنة لأمي‬       ‫بعض جوانب الظروف التي‬
                ‫الخاص بها‪.‬‬           ‫الجديدة‪ ،‬وفي اللحظة‬      ‫صاحبت كتابتها‪ .‬فكانت هناك‬
       ‫أما أنا‪ ،‬فكنت مستمت ًعا‬     ‫التالية أجلس إلى مائدة‬       ‫كلمات أو عبارة أو استعارة‬
   ‫بالطبع‪ .‬فالشعراء جميعهم‬      ‫طعام طويلة‪ ،‬أتناول طعام‬            ‫ما أثارت قريحتي‪ ،‬فكنت‬
      ‫يقدمون خد ًعا سحرية‪،‬‬      ‫الإفطار بملعقة من الفضة‪.‬‬       ‫أقوم على عجلة بكتابة كل ما‬
   ‫أما في حالة الشعر النثري‪،‬‬    ‫كان أول يوم من أيام فصل‬           ‫يخطر على بالي‪ .‬وكما قال‬
    ‫فإن استخراج الأرنب من‬         ‫الربيع‪ ،‬وكان أحد والد َّي‬     ‫فرانك أوهارا‪« :‬إنك ببساطة‬
    ‫القبعة يمسي من الدوافع‬          ‫يدندن مغن ًيا في حوض‬        ‫تتبع حسك‪ .‬فعندما يطاردك‬
  ‫الأساسية‪ ،‬ويجب تنفيذ ذلك‬         ‫الاستحمام‪ ،‬وكان الآخر‬         ‫أحدهم في الشارع وفي يده‬
‫بشكل تلقائي وبرباطة جأش‪،‬‬        ‫يلون أحد العصافير بألوان‬         ‫سكين‪ ،‬فإنك ببساطة تطلق‬
   ‫لإخفاء تصنع الفن‪ ،‬وإبداء‬                                     ‫ساقيك للرياح»‪ .‬فعلى سبيل‬
 ‫الانطباع بأن المرء يكتب دون‬               ‫طائر استوائي‪.‬‬         ‫المثال‪ ،‬فإن إحدى أقدم هذه‬
  ‫جهد‪ ،‬بل وبالكاد دون تفكر‬         ‫إن من أصعب الأمور على‬       ‫الكتابات تعود إلى عام ‪1958‬‬
  ‫فيما يكتب‪ ،‬أي ما أطلق عليه‬    ‫الشعراء التحرر من طريقتهم‬         ‫عندما كنت أقطن في سكن‬
  ‫كاستيليوني في كتابه «كتاب‬        ‫الخاصة المعتادة في رؤية‬       ‫في جرينتش‪ ،‬وسمعت ذات‬
     ‫رجل الحاشية» في القرن‬         ‫العالم‪ ،‬والعثور على طرق‬     ‫ليلة أحدهم يتمتم خارج باب‬
‫السادس عشر مسمى «رشاقة‬             ‫جديدة تدهشهم‪ .‬وهذا ما‬          ‫غرفتي‪« :‬تم طهو أوزتنا»‪.‬‬
    ‫الأسلوب» ‪.sprezzatura‬‬       ‫أثار إعجابي في تلك الكتابات‪،‬‬  ‫وكانت قصيدة أخرى من هذه‬
  ‫ومن ثم يمكن اعتبار الشعر‬                                    ‫«القصائد» رد فعل على اقتراح‬
                                                                  ‫طرحه أحد الناشرين بأن‬
                                                              ‫أقوم بكتابة مذكرات مختصرة‬
                                                               ‫عن طفولتي‪ .‬فأخذت أستعيد‬
                                                                    ‫ذكريات تلك الفترة من‬
                                                               ‫حياتي‪ ،‬وقد انتابني القلق من‬
                                                                 ‫قدرتي على تذكر الكثير من‬
                                                                ‫الأحداث الهامة بشكل دقيق‬
                                                                ‫وفهم مغزاها‪ .‬وأدركت أنني‬
                                                                ‫إن قمت بتأليف الأمر برمته‬
                                                              ‫فإن ذلك سيكون أكثر إرضا ًء‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189