Page 82 - merit 52
P. 82

‫العـدد ‪52‬‬                                  ‫‪80‬‬

                                                                                ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

‫محمد سيزيف‬

‫(السودان)‬

‫ما تبقى لي من الحياة‬

‫من خلف السماعة الهاتفية تسألني الآنسة سين‪:‬‬                                        ‫في الصباح‬
                                    ‫أ ُتح ُّبني؟!‬  ‫قبل أن تر ِّوج إذاعة أمدرمان أكاذيب الصباح‬

             ‫مثلما قصف الأمريكان هيروشيما‬               ‫لترويع الفراشات في الحديقة الخضراء‬
     ‫وتعاون الجار مع الأتراك على الاستعمار‪..‬‬                                   ‫دعيني أحبك!‬
                                                                                   ‫في المساء‬
                        ‫وسقط قتلى في دارفور‬
                             ‫برصاص النظام‬                         ‫عند الثامنة بتوقيت غرينتش‬
                                                                      ‫قبلما تطل دودة التلفاز‬
        ‫تسألني الآنسة»سين» وقد نفد صب ُرها‪:‬‬
     ‫“تتعمد الهروب مني‪ ..‬آه قد خيبت ظني‪»..‬‬         ‫لتقرأ نشرة الأخبار عن سقوط قتلى وجرحى‬
                                                                ‫في انفجار قنبلة بقرية خضراء‬
                           ‫الخيبة يا صغيرتي‬                                    ‫دعيني أحبك‪.‬‬
             ‫أن أشتري جوز حذاء لقدم واحدة‬                                            ‫تعال ْي‪..‬‬
        ‫قدمي التي التهمتها قنبلة غرنيت جائعة‬                              ‫تعال ْي أيتها الخفيفة‬
                                                                  ‫مثل نسمة باردة في الصباح‬
                       ‫ألقتها َي ُد جند ٍّي شقي‪..‬‬                                ‫ادخلي هنا‪..‬‬
              ‫العالم يا عزيزتي توقف منذ مدة‬
          ‫عن زراعة الحدائق والقهوة والحقول‬                 ‫في المسام مثلما يخترق الماء التراب‪..‬‬
                                                                                  ‫تعال ْي هنا‪،‬‬
                             ‫في الأمس قرأت‪:‬‬                                        ‫على قلبي‬
   ‫“أمريكا تصنع سلا ًحا قاد ًرا على تدمير قارة‬
                                                                  ‫الذي أعددته لك منذ أعوام‪..‬‬
                                     ‫أفريقيا»‬                                ‫الأعوام الخوالي‬
                               ‫آ ٍه يا صغيرتي‬
                        ‫لم يتبق ثمة جمال هنا‬                ‫حين كنا نلعب “البلي” مع الأطفال‬
                                                                     ‫ونرقص على إيقاع الطبل‬
                                 ‫سوى عينيك‬                               ‫ثم نغني مع الطيور‪:‬‬
           ‫وصو ِت ِك الذي كلَّما شعر ُت بالخوف‬                           ‫“يا طير غنِّي غنِّي»‪.‬‬

                  ‫ارتديتهم مثل تميمة بيضاء‪..‬‬
                           ‫تعال ْي نجلس سو ًّيا‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87