Page 91 - merit 52
P. 91

‫‪89‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫حبيبي‪ ،‬المجهول قبل اللحظة؛ ها هنا‪ ..‬أعني تما ًما‬                        ‫أشرع بها‪ ،‬الآن‪ ،‬تقليص ما يشتبه بيننا من فضاء؛‬
‫حيث نقف‪ .‬هل نحن الآن متعانقان! لم أتصور‪ ،‬أب ًدا‪،‬‬                          ‫يمسي من المستحيل أن نبدو كمجرد مشتبكين!‬
‫أن تكون لجسدي كل هذه الخفة‪ ..‬أن يكون لقلبي‬                                      ‫قلت‪ :‬رأيتك ترمين الجمرات‪ ،‬أشيطان ثم؟‬
                                                                         ‫تبدين كمن ينتظر لا أحد‪ .‬أنا أي ًضا أنتظر لا أحد‪.‬‬
‫كل هذا النبض‪ .‬نشرت نصف الغسيل وتركت نص ًفا‬
‫على الطست‪ .‬استحممت على عج ٍل ودون وع ٍي مني‬                           ‫أعني أنني لم أنت ِو المجيء إلى هنا‪ .‬أردت ارتياد مكا ٍن‬
    ‫وجدت جسدي يحيط بك”‪.‬‬                                                ‫مطلق‪ .‬لاريب في أن قوة جذ ٍب خارق ٍة يبثها النهر في‬
                   ‫‪ -‬أفلتيني قلي ًل‪.‬‬                                   ‫مجاله فتعلق الكائنات بما يشبه شرا ًكا سحرية‪ .‬ثم‬
                                                                       ‫مددت (هل أسميها يدي؟) لاحتواء كائ ٍن رخ ٍو مثق ٍل‬
    ‫‪ -‬أليس عندما تفلتني أنت‪ ،‬هل أحلم؟‬
                                                                                           ‫بخمسة أصابع؛ يدعى‪ :‬يدها‪.‬‬
‫‪ -‬إن كنت تحلمين؛ يسعدني أن أكون (ود ابليسك)‬                            ‫كان عناق أصابعنا خفي ًفا وصاخبًا في صمت‪ .‬شعر‬
                                                                       ‫‪-‬كلانا‪ -‬برعش ٍة تدب في جسد الآخر الذي سيؤول‬
                                                         ‫المفضل‪.‬‬
                                                                         ‫إليه؛ إذ تأهبنا‪ ،‬كممسوسين‪ ،‬لتأسيس «حال ٍة” لا‬
    ‫‪ -‬ألك اسم‪ ،‬من تكون؟‬                                                   ‫تبدو للرائي ‪-‬جراء المخالجة‪ -‬سوى أنها محض‬
                                                                         ‫عناق‪ .‬غير أنه ‪-‬وأعني رآئينا المبهوت‪ -‬لن يشهد‬
‫‪ -‬كان لي اسم قبل لحظة‪ .‬نسيته‪ ،‬انمحى‪ .‬سأتسمى‬                           ‫لحظة افتكاك أحدنا من مشابكة الآخر؛ إنما لن يدرك‬

‫بك‪ ،‬كيفما تكونين‪ .‬فإن كنت تدعين‪ :‬بـ»أنت”؛ فأنا‬                                    ‫الكنه الخارق والخفي لما يظن أنه يراه!‬
                                                                       ‫مدت ذراعيها إل َّي‪ .‬أجفلت من هول المصادفة؛ إذ إني‬
‫أنت‪ .‬أنا «مضارع” يتوغل باستمرار‪ .‬آخذ هيئتي‬
‫من الفعل الحادث؛ كارتداد فع ٍل لأمزجتك الجامحة‪.‬‬                          ‫هممت في سريرتي بمد ذراعي لاحتوائها‪ .‬حقيق ًة‬
                                                                        ‫لا يوجد مقابل أرضي لخيط ضو ٍء بار ٍق انبعث من‬
‫عنواني كائن يتجدد حيث تقيمين أقيم‪( :‬الحجل‪ ،‬في‬                         ‫عينيها‪ .‬حضرني ‪-‬وأنا من لم ير القطن في الحقول‪-‬‬
                                                                       ‫بيت شعري يتغزل بزهرة القطن فأنشدته‪ ،‬هام ًسا‪،‬‬
                                                         ‫الرجل)!‬
                                                                                                               ‫عليها‪:‬‬
‫(سحبت أصابعها في يدي إذ تنسل مني‪ ،‬بينما يهتز‬                           ‫“قد أنرت الربوع يا زهرة القطن فهلا‪ ..‬أنرت قلبي‬

    ‫على صدري بعضها الرخو كأني هي!‬                                                                               ‫هلا”‬
                                                                       ‫كانت الأمواج تتهادى‪ ،‬وهي تسحب بأذرعها بساط‬
‫حدقت‪ ،‬كمستغر ٍق‪ ،‬بحجرين كريمين يشعان في‬                                 ‫الرمل من تحت قدمينا‪ .‬ابتل أسفل فستانها المورد‬
                                                                      ‫الضائق عند خصرها الأنيق مثلما ابتلت روحي‪ .‬كأن‬
    ‫محجريها‪ .‬خشيت أن تكون أحوال جسدي قد‬                               ‫فراش ًة تحط على قلبي المتوقف النبض احتوت كياني‪.‬‬
‫طالت ملمحي كرج ٍل «لا يؤتمن لي قب ًل” (تقول أنها‬
‫خبرتني حين المخالجة)؛ ذلك أن رق ًة أنثوية اعترت‬                                          ‫ولما استقر يقيني ببكمها قالت‪:‬‬
                                                                                      ‫“أنت شيطاني الذي كنت أحصب”‬
‫صوتى‪ .‬ثم رأيتني‪ ،‬بين ارتماشة أهدابها إذ تنغلق‬                           ‫امنسساامبيتيمافرك ًكماوإياسييق إًىلىتلاجئزمي‪،‬ئافقت؛ط‪،‬أثلنلاهءدمهاداة‪،‬فترعبرضت‬

‫على لؤلؤتين كريمتين؛ أبرأ من العمر! تساقط أوراق‬                                                  ‫أنها تتحدث بصوتها‪:‬‬
                                                                           ‫“حلمت بصدف ٍة كبير ٍة على ساح ٍل لم أتبين لأي‬
‫عمري الذابلة كما تغير أفعى جلدها الميت‪ .‬ونسيت‪،‬‬                          ‫بح ٍر كان‪ .‬ثم استيقظت‪ ،‬كما لم يحدث أب ًدا‪ ،‬تحفني‬
                                                                         ‫سعادة أجد الآن ما يبررها‪ .‬لم أنتب‪ ،‬قب ًل‪ ،‬برغب ٍة‬
‫تما ًما‪ ،‬وصف عارضات السقف المتأهب للانهيار‪،‬‬                           ‫مماثل ٍة لمشاهدة نهر القاش واستنشاق أنسمه الدافئة‬
                                ‫والله العظيم!‬                           ‫كبخار مغلاة؛ لدرج ٍة خار معها عزمي في الممانعة‪.‬‬
                                                                           ‫أنت تصدق وتؤمن بالله‪ :‬دائ ًما أتخيل أن ألتقي‬
‫أحكمت قبضتي على أصابعها المنزوعة في يدي لأقول‪:‬‬
‫غ ًدا حبيبتي يتبخر النهر‪ .‬أسأل عن سبل التقا ٍء أكثر‬
‫بمننهكل ٍةأث ًعرانداتمابعيهستحبيدثبتهانباعليون؛جد‪.‬فربما‬  ‫قصدية‪ .‬أريد‬
                                                         ‫ترغب روحي‬
 ‫أطرقت ف َّي‪ .‬انحدرت قطرة دم ٍع التقطتها بلساني‪،‬‬
‫محل خديها! فتشت سنام اللغة عن مجا ٍز أو كناي ٍة‬

‫أسند بهما عرج التشبيه؛ لكني لا أجد توصي ًفا جماليًّا‬
‫يليق بما ينسرب من جوفها‪ ،‬عاب ًرا قصبتها الهوائية‬
  ‫المنغمة؛ مبثو ًثا إل َّي‪ ،‬على شكل تموجات موسيقي ٍة‪،‬‬
‫فوق أرضي ٍة‪ ،‬لا طاقة بالكون لاحتمالها‪ ،‬ناهيك عني؛‬

    ‫أنا من توشك بشريتي أن تكون على المحك‪.‬‬
   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96