Page 95 - merit 52
P. 95

‫‪93‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

 ‫انظر‪ ،‬حتى حذاؤك لا يشبه أحذيتهم‪ ،‬ولكنك تبتسم‪،‬‬
‫كانت هي الوحيدة التي تقول لك‪ :‬لك ذوق دبلوماسي‬

           ‫رفيع‪ .‬ثم تستدرك‪ :‬لكنه بحاجة لتعديل‪.‬‬
   ‫لماذا تركتها؟ تسأل نفسك‪ ،‬وتجيب‪ :‬طال انتظارها‬

      ‫وهي تعتقد أنك زاهد‪ ،‬لقد خفت‪ ،‬من عفويتها‪،‬‬
      ‫وجرأتها‪ ،‬ومن أبيك‪ ،‬وعل َم ْت هي‪ ،‬تسأل نفسك‬
‫وتجيب‪ ،‬وتجيب أخاك وأصدقاءه الذين دعوك لتناول‬

                                  ‫الطعام معهم‪	.‬‬
   ‫غسلت يديك‪ ،‬وانضممت إلى طاولتهم وسرعان ما‬

     ‫خرجت غيومك من رأسك واحتلت سقف المكان‬
‫فجعل الجميع يأكل طعامه صامتًا‪ ،‬نهضت‪ ،‬وشعرت‬

   ‫بالاستياء من كل هذه الحساسية وملاحقة النفس‬
                               ‫اللذي ِن يعتريا ِنك‪.‬‬

‫وأنت مستل ٍق في سريرك الذي أزلت عنه آخر ما خلع‬
    ‫أحد الشباب دون أن تضيق هذه المرة‪ ،‬فكرت في‬

‫مراسلتها ولكنك تذكرت انفعالها الشديد في آخر لقاء‬
        ‫بينكما‪ ،‬وفزعت من أن ترفض الحديث إليك‪.‬‬

     ‫أرسلت رسالة خجولة‪ :‬مساء الخير‪ ،‬أتمنى أنك‬
                                         ‫بخير‪	.‬‬

  ‫ثم أدركت أنها رسالة هزيلة ستعيد إليها شعورها‬
   ‫بجبنك‪ ،‬وحين كنت على وشك إخبارها بكل شيء‬
‫حدث معك منذ افترقتما عبر مكالمة خطط َت لأن تكون‬
‫طويلة‪ ،‬وجدت أخاك واق ًفا عند الباب‪ ،‬مغسول الوجه‬
‫بالدمع‪ ،‬ويشهق‪ ،‬كلامه غير واضح بين شهقاته‪ ،‬بدا‬
   ‫مثل طفل وهو يقول‪ :‬أبي في المستشفى‪ ..‬في حالة‬

                                      ‫متأخرة‪.‬‬
                      ‫كان لتوه قد تلقى الاتصال‪.‬‬

    ‫***‬

   ‫الول ُد المفضل يبكي أباه ولا يعرف لأول مرة كيف‬
‫يتصرف‪ ،‬وحوله الرفاق المواسون‪ ،‬سرعان ما ذهبوا‬

                        ‫يجهزون رحلتكما للعودة‪.‬‬
  ‫لم تشعر أنك جز ٌء من هذا الحدث‪ ،‬ولم تستطع منع‬

                                 ‫نفسك من أمل‪.‬‬
‫من رأسك انقشع الغمام‪َ ،‬ي ِح ُّل في أخيك الصغير الذي‬
‫تحب‪ ،‬لكنه سرعان ما سيزول لأنها الحياة‪ .‬هكذا قل َت‬

                                        ‫لنفسك‪.‬‬
                             ‫ونهضتَ لتحتضنه‪.‬‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100