Page 100 - merit 52
P. 100
العـدد 52 98
أبريل ٢٠٢3
ينتظرونهم ،أو حتى وجبة يستمتعون بها .كاد
أن يصرخ فيفضح مكانه! ما هذا؟ لم يكد يعرف
نفسه الجديدة ،تلك التي تحمل ذاكرة ،لم يدر ما
هي المؤثرات التي جعلت مثل هذه المتغيرات تطرأ
عليه؟ ككلب فاجأته رشقة ماء .تل َّوى جسده ،عاد
لمنظاره ،أطلت العينان المثيرتان للأسئلة ،تقلص
كامل جسده واختزله ليصبح مجرد سبابة وزناد،
أحكم وضع التقاطع في وسط ناصية طريدته ،كان
يلقي بحديث يتبعه بضحكة مجلجلة ،ينظر للأسفل
ثم يضحك ،يأتي بحركة ودودة ويتبعها بابتسامة،
رغما عنه رفع إصبعه عن الزناد ،نزل بالدائرة إلى
أسفل مرو ًرا باليد الممتدة في زاوية حنينة حتى
الكف القابض على كنز ثمين ،ضفيرتان وشرائط
حمراء على شكل فراشة ،ضحكة حية أصابت
الشارع بعدوى الفرح ،جوارب مزركشة بورود
قطنية عند مبدأ الساق ،يد ممدودة نحو عالم نق ِّي
الملامح ،عينان ببياض ثلجي تحدهما خدود ممتلئة
الاحمرار ،طفلة نموذج لما يجب أن تكون عليه
الطمأنينة.
أطل الشيخ بصوته الحاد كخنجر ،برقت في مخيلته
رعشة حوض الثلج عندما يلتقي جسده المحترق
بسطحه ،الشهقات اليائسة عندما تدفعه غريزة
التورط في الحياة للاندفاع إلى السطح ،الانكسار
المهين الذي يدمر جبروته ويقيد إرادة التمرد
فيهُ ،ذ ُّل تفادي الأسئلة خوف الاجابة ،التبرير
الفطير الذي يثير سخرية نفسه عليه بأنها مجرد
مهنة كغيرها .عبثية الخيال تدفع بصورة الطفلة
فوق عنق الشيخ ،منطفئة باهتة ،تلوك ضفائرها
الشعثاء ،عاجية بياض العينين ،بلا نكهة أو طعم،
عنوان بارز للحزن اليتيم ،أو اليتم الحزين ،ما
ذنبها؟ هل تستحق؟ وخز الأسئلة وخوف الإجابة
أعاده للأرض ،ارتعد من أسفل قدميه حتى أعلى
إصبعه القابض على الزناد ،ازدادت حبات العرق
المشاكسة ،نافذة الزمن تضيق ،استعاد وضعه،
تناول رصاصة أخرى ،ب َّدل مركز الدائرة ،تقاطع
الخطوط في الناصية ،السبابة في الزناد ،تحسسه
مرة وأخرى ،زاد ضغطه ،المطرقة ترتفع وترتفع من
قلب الدائرة ،أطلت ابتسامة نقية ووردة حمراء!