Page 92 - merit 52
P. 92
العـدد 52 90
أبريل ٢٠٢3
إسراء رفعت
(السودان)
الثاب ُت في دور
لو كانت رحيمة. متخف ًفا من حذائك الضخم الجلدي ،بدلتك الرسمية
دخلت للبحر ،ولسوء حظك لمس باطن قدمك كيس كاملة بما في ذلك قميصك وربطة عنقك ،ودون أ ِّي
خوف من تع ِّرض أشيائك هذه للسرقة ،دخل َت الماء،
بلاستيكي ،قل َت هو قنديل البحر بعينه ،خفيف
ورهيف مثل كيس ،حذا ِر لمْ َس َته ،فهي رقيقة لكنها وسرعان ما غمر المد ساقيك حتى ركبتيك.
ارتعشت.
مميتة .قالوا لك .
ازر َّق وجهك ،وفقدت دفاعاتك كاملة ودون أن تنظر كن َت أخبر َت صديقك الجديد الذي هو في الأصل
في الماء الذي ما زال ضح ًل على أن يحتوي قنديل بح ٍر صدي ُق أخيك الصغير أنك تخاف السباحة ولذلك لن
ترافقهم هذا الأسبوع للمسبح فهم يذهبون أسبوعيًّا،
لتتحقق ،سقط َت مغشيًّا عليك.
قنديل البحر، ها أنت في البحر أبي المسابح كلِّها ،ما الذي تغيَّر؟
تزور أخاك لأول مرة في مدينته ،تذهب لأول مرة
والمرأة ..حذار اللمسة! بعي ًدا عن البيت ،تنضم لبيت الشباب الذي كن َت تراه
بعد حادثة قنديل البحر التي أخذت من طفولتك من قب ُل بيئة فوضوية لا تصلح للسكن ،تخرج لعدة
أسابيع طويلة للتعافي منها ،مرو ًرا بنوبات الهلع مشاوير لا هدف منها سوى السير والنظر في أرجاء
والتبول اللاإرادي كاملة حتى الشفاء ،لم يعد أبوك يلح المدينة الربيعية هذه ،وقبل كل ذلك ،تلك الإجازة التي
عليك بشأن الذهاب للبحر أو مرافقته لجلب احتياجات أخذتها من عملك دون سبب حقيقي ،بل وكذبت أن
المنزل أو البقاء جواره للنظر بينما يقوم بأعمال
أخاك بحاجة لرعاية صحية.
السباكة. شي ٌء ما صحيح؟ شي ٌء آخ ٌذ في التغير.
وجد َت فجأة أن أخاك الذي يصغرك بثلاثة أعوام قد يبتسم دا ِخلُك وأنت تحدث نفسك بهذه الأفكار غير أن
كبر وصار يزيح عنك عبء هذه المهمات برحابة صدر لوجهك تعبي ًرا واح ًدا ،تعبي ُر الخائف من الذهاب عمي ًقا
ومحبة للاكتشاف ،ووجدت أن أباك صار قاسيًا معك،
وصارت علاماتك المدرسية ُت ِهم ،وحسن سلوكك يهم، في شيء ،عمي ًقا في البحر.
وصلاتك تهم ،ومظهرك ُي ِهم ،وكم اللغات التي تتقنها عمي ًقا في التجربة.
ورأي معلميك فيك على رأس قائمة ما يهم ،وكل هذا
هو ما يحدد أن الأيام ستمضي بسلام دون توبيخ. ***
حافظت على امتيا ٍز في جميع المواد عدا علوم الأحياء،
قال لك أبوك :ادخل يا ولد للبحر .ادخل ،شاطر،
وهضمت جميع الدروس عدا دروس المخلوقات راجل..
البحرية ،ومع هذا كان في وسعك أن تنتزع العلامات
فدخلت ،وكنت ابن السابعة ،وتسمع من أصدقاء
انتزا ًعا ،فأنت تحارب بها غضب والدك ومزاجه المدرسة الذين يحبون تمرير الرعب لك –فأنت أفضل
السيء. شخ ٍص لامتصاصه -أن قناديل البحر تلمس أقدام
الأطفال الذين يدخلون عمي ًقا في الماء ،وتلسعها لسعة
حافظت على التزامك الديني ،ولغاتك الثلاث التي مميتة ،أو تقضم إصب ًعا أو إصبعين من أصابع القدم
أتقنتها رغ ًما عن أنف الرغبة والشغف ،ثم بدأت