Page 93 - merit 52
P. 93
91 إبداع ومبدعون
قصــة
تلتقيان ،ثم ما لبثت أن تعودت عليه وعلى صرامته، ُتراهق ،وجربت السجائر وأصدقاء المراحل والانزلاق
فأنت في الدور منذ زمن مبكر ،دو ُر ألا تخاف وألا نحو مطاردة البنات ،وسرعان ما اكتشف أبوك أمر
تتردد ،وأن هذا من الرجولة ،دفعوك دف ًعا لتتجاوز السجائر ،فتلقيت صفعة على وجهك ،أكثر ما أرعبك
فيها نظرات والدك.
المراهقة وتلحق بالرجولة في أسرع وقت ممكن. لقد خنت أمانة لا تعرف ما هي ،وعزفت عن البنات،
ذهبت نحو إدارة الأعمال ولم تعرف ما الذي تعنيه عن المطاردة والنظر حتى .فماذا لو عرف؟ !
إدارة الأعمال ،وتخبطت تخبط َت حتى رأي َتها ،البن ُت خشيت معرفته وخشيت نفسك ،وخشيت النساء،
الحلوة الجموح ،ثم أخذت الدروب تستقيم ،وتنحني، ألا يقبلنك وألا يرينك رج ًل ،ومع هذا لم تعد الولد
تنحني الدروب لكنها انحناءا ُت الحياة الجميلة ،التي المفضل ،ثم أدركت أنك لم تكن الولد المفضل ،ولكن
تجعل القصة جذابة وبشرية لا ملائكية ،رشة البهار أداءك هو من كان ،أخذت تحصد الدرجات العالية في
التي تجعل الطعام لذي ًذا وعفو ًّيا ،لا نموذجيًّا كما في
المجالات العلمية كلها ،ولكنك في الأصل أحببت الشعر
كتب تعليم الطبخ ،وتعليم الحياة! وموسيقا الكمان.
اجلس الآن على هذا المقعد ،هل تلح علي َك الرغبة في
الذهاب للمنزل وتغيير مظهرك إلى مظهر مرتب .ما ***
زال الرمل عال ًقا بجسدك وما زلت مرتج ًفا من البرد
ومباغتة المد ،ابتسم ،فلا رغبة تلح عليك سوى أن المد يعلو ويغمرك .
تجدها ،وتخبرها بخلاصة أيامك ،وما جرى معك، عظي ٌم ج ًّدا ،إنك جال ٌس في البحر عو ًضا عن الوقوف
وبأنك تحاول إنزال نفسك من المسرح الذي تؤدي فيه
حياتك كأنك في عر ٍض مرا َق ٍب من المخابرات ،ولست في المرتبك ،أنت تذكر؟ بينما المد يعلو ويغمرك كام ًل.
حاجة سوى ليد تمسكك في النزول إلى الأرض ،فأنت إنه مثل جلا ٍء للروح ،وهر ٍب حل ٍو من الحياة.
كلما وضعت قد ًما رفعتها ،متخيِّ ًل الأر َض بح ًرا لا
تذكر أنها قالت لك :اجلس في الماء واجعل المد يغمرك،
نهائ َّي القناديل. وتصرف ،كما لو كنت تستحم ،فضحك َت لها،
استعدها..
وتصرفت وقل َت في نفسك :هل ستنجح هذه البن ُت في
داخلُك يحدثك، جعلي أسترد محبتي للبحر؟
غير أنك تنهض على ذات الحال وحذاؤك في يدك،
تسير مسافة قليلة وتشير لسيارة أجرة كي تتوقف، ولكنها رحلت ..قبل أن تراك الآن وأنت تستردها.
كما لو أنك خارج من فيلم بهذه الهيأة ،البطل فيه لا عج َب أنك خرجت من الماء حينما دخلت هي
ضائع الأفكار ،ضائع المستقبل ،رصيده صفر ،في
البنك وفي الحياة ،وأنت تعلم أنك أفضل حا ًل من أبطال لأفكارك ،ها أنت تبدأ بارتداء ملابسك ،تضع جواربك
الأفلام ،سوى من جهة القلب ،فالبن ُت الوحيدة التي في جيوبك وتمشي حافيًا على رمل الشاطئ ولم تكن
أحببت ،والتي شر َح ْت لك أي أدا ٍء أفضل في الحياة
وفي الدراسة وقتها ،تركتك لخوفك ،إنك تجبن عن من قب ُل فعلت.
مبادرة الأشياء والناس ،تنظر لأخيك ،تنظر لأصدقائه، وأنت تتمنى لو كانت تراك ،وتناديها :تعالي لأجعلك
فتجدهم يأخذون الفرصة كاملة ،وتتمنى أن تكون
واح ًدا منهم ،ثم تتراجع خطوة وتظن هذا شيء كثير فخورة بي.
درست إدارة الأعمال بعد جهد ،فوالدك أرادك طبيبًا
لتغييره ،وأن الأوان قد فات.
تصل إلى منزل أخيك غائم الفكر حتى أنك لم تسمع ولكنك اكتشف َت أمره ،ح َيله ،كيف يجبرك بنظرة
كلمة من ثرثرة سائق الأجرة ،تضع حذاءك الجلدي واحدة على تغيير خطتك كاملة ،اكتشفت أمره وكان
هو قد شاخ ومرض وانشغل بحفيدين جميلين ،هم
وسط أحذية الشباب الرياضية. أبناء أختك التي انطفأ شغفها هي الأخرى ولكنها لم
تقول لنفسك..
تلحظ ،وهكذا لم تعد تمر به عند أهم قراراتك.
لقد شعرت بالخفة ،ولكن بالخوف من تجاهله،
وبالخوف من النظر إليه في عينيه كلما التقيتما،
ولذلك استأجرت شقة صغيرة جوار مقر عملك ،كيلا