Page 135 - merit 53
P. 135

‫نون النسوة ‪1 3 3‬‬                                        ‫فيه لاهية مستمتعة بينما هي في الحقيقة تعيش‬
                                                      ‫وهم المتعة كضرب من التنفيس عن الألم‪ ،‬ويعيش‬
   ‫عتبات النصوص أن تكون نكرة توحي بالعموم‬            ‫العالم من حولها وهم الفضيلة والترفع عن الدنايا‪،‬‬
   ‫(شارع‪ -‬ناجية‪ -‬قميص أخضر‪ -‬مواء‪ -‬فراشة‬
   ‫خضراء‪ -‬تلك الوردة‪ -‬ضوء أحمر‪ -‬أغا)‪ ،‬حتى‬               ‫بينما هو في الحقيقة يرتكب عبر ترقبه الصامت‬
    ‫إذا ما جاءت بعنوان معرف يكون لدلالة وغاية‬       ‫وحضوره الذكوري الشبق أفعاله الفاضحة‪ ،‬ضار ًبا‬
   ‫(إيزيس‪ -‬الولي‪ -‬المحجر‪ -‬الحديقة‪ -‬الطاحونة‪-‬‬
   ‫المبروكة) وتتناول مشهديات تبدو خاصة لكنها‬            ‫الصفح عن مساءلة نفسه‪ ،‬وفي أحسن الأحوال‬
                                                        ‫يستخدم بدي ًل عن المساءلة شفقة لا تسمن ولا‬
                                ‫مؤذنة بالعموم‪.‬‬        ‫تغني من جوع‪ ،‬مهما بلغت هذه الشفقة مبل ًغا حد‬
   ‫الحياة تسير والمآسي تتقاطع «الطريق ينتظم في‬      ‫الدموع تظل ذاهلة ع َّما تعانيه تلك المرأة التي أمعنت‬
   ‫رحلته المعتادة‪ ،‬فيما ُيرى على البعد رجل مشرد‬      ‫«سمية» في وصف تفاصيلها الجسدية وسيجارتها‬
   ‫عاب ًرا الطريق ذاته‪ ،‬وقد ظهرت فتاة جميلة تبدي‬     ‫اللامشتعلة التي تتنفسها بمتعة متوهمة‪ ،‬وشعرها‬
                                                        ‫الهش من أثر الإهمال وكفاف العيش‪ ،‬وعيونها‬
       ‫ملابسها أكثر مما تستر‪ ،‬عابرة الطريق ذاته‬
    ‫في الاتجاه العكسي‪ ،‬دون أن يلتفت أحدهما إلى‬                                              ‫الزائغة‪.‬‬
 ‫الآخر‪ ،‬فقط بدت عيون جديدة وشهقات جديدة في‬                ‫هذا وجه من شارع الحياة القاسي الصامت‪،‬‬
                                                      ‫وجه من الطريق العام لعلنا نحسن الوصف حين‬
                                      ‫المواجهة)‪.‬‬        ‫نقول‪( :‬فعل عام في الطريق الفاضح)‪ ..‬الصمت‬
                                       ‫إيزيس‪:‬‬
                                                                                        ‫واللامبالاة‪.‬‬
      ‫بتيمة الحلم تبدأ سمية القصة الثانية المعنونة‬     ‫صمت لا يطول المرأة فقط‪ ،‬ولا ينال منها وحدها‬
    ‫بـ»إيزيس» أو هكذا بدا لبطلة القصة أنها تحلم‪،‬‬    ‫وإنما ينال من الرجل أي ًضا‪ ،‬إذا ضاق حاله‪ .‬فكم من‬
   ‫وهنا أي ًضا المكان أحد أماكن الساحة أو الخارج‪،‬‬     ‫متشرد لا يجد مأوى يجفل المجتمع عن حاله غير‬
     ‫حيث تلتقط مرآة سمية عبد المنعم أو عدستها‪،‬‬        ‫عابئ به وبمأساته‪ ،‬يكتفي بالصمت أمام مشهده‬
   ‫له من الخصوصية بقدر ما هو عام‪ ،‬تلتقط سمة‬         ‫الرث وجرأته التي تدفعه لعداء لا يملك لتسديده إلى‬
‫متأصلة في بعض النساء بحكم انتمائهن كمصريات‬            ‫ذلك المجتمع الصامت سوى أن يبول وأمثاله على‬
                                                     ‫هذا الزحام الذي بتعبير أحمد عبد المعطي حجازي‬
         ‫إلى «إيزيس»‪ ..‬وأي قصة أكثر وفاء منها‪.‬‬
                  ‫* تسمع بطلة السرد في حلمها‪:‬‬                                   ‫«هذا الزحام لا أحد»‪.‬‬
                                                      ‫إنه (شارع)‪ ،‬وكثير ما تتعمد سمية عبد المنعم في‬
      ‫«استيقظي‪ ،‬استيقظي‪ ،‬استيقظى فى سلام يا‬
 ‫سيدة السلام‪ ..‬يا إلهة الحياة‪ ،‬يا جميلة فى الجنة‪..‬‬

                                   ‫استيقظي‪.»..‬‬
 ‫(وهنا سمة تظهر نفسها كثي ًرا)‪ :‬لماذا يلوذ المخيال‬

                        ‫السردي الأنثوي بالحلم!‬
     ‫ولماذا يتم إخضاع الحلم لآليات النص المؤنثة؟‬
    ‫أهي رغبة المؤنث في امتلاك ناصية المتن الثقافي‬
‫والاجتماعي والقيمي بعد أن تسربت منه في اليقظة‬
 ‫وتسربل بالهامش‪ ،‬أم لأن الحلم بآلياته اللامنطقية‬
   ‫وترميزاته المشفرة التي تطيح بقوانين الزمكان‪،‬‬
 ‫يعطي الذات الساردة المحاصرة بتابوهات ما قدرة‬
   ‫الانفلات لتتمرد عللى التدجين والإرهاب النفسي‬
  ‫والجسدي؟ أم لأن هذا الانفلات الحلمي قادر على‬

           ‫وصل أنثى اليوم بأنثى الأمس الموغل؟‬
  ‫سمية تخلق عبر استدعاء ترميزات مشفرة مؤنثة‬

    ‫طق ًسا سرد ًّيا للولوج إلى رحاب ذلك الوصل أو‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140