Page 136 - merit 53
P. 136

‫العـدد ‪53‬‬  ‫‪134‬‬

                                                   ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

   ‫الجماعي المباطن للذات‪ ،‬والذي يأتيها من الداخل‬     ‫الاتصال بسمة أصيلة في بنات إيزيس ممن آثرن‬
  ‫من عالم لا تعرف عنه شيئًا‪ ،‬أو من الأموات الذين‬        ‫أن ينتهجن نهجها في الوفاء والبحث عن الشق‬
                                                         ‫الضائع الذي بات حل ًما لا يعادله منح الواقع‬
     ‫هم أحياء دائ ًما في قصص المجموعة‪ ،‬يتجولون‬
   ‫ويتحدثون بصوت ربما لا يسمعه سواها‪ ،‬لكنهم‬         ‫ومفرداته المتاحة‪ ،‬مهما كان الواقع قاد ًرا على مدها‬
   ‫على كل حال أحياء أو يبدون كالأحياء كما أرادت‬      ‫‪-‬أعني الأنثى‪ -‬بما هو راهن وحقيقي ومؤكد‪ ،‬إلا‬
                                                   ‫أن الوفاء للعشير والصحبة والزوج يجعلها تضحي‬
                           ‫سمية لهم أن يكونوا‪.‬‬        ‫بالواقع من أجل حلم اللقاء ولو كان لقا ًء روحيًّا‬
‫* المرأة الثكلى أو التي تعيش فجيعة الموت الذي نال‬     ‫بشقها الغائب الذي ربما وافته المنية‪ ،‬تظل رحلة‬
                                                   ‫البحث «الإيزيسي» دائمة لتلتحم تجربة الوفاء التي‬
                                       ‫أحباءها‪:‬‬    ‫تعيشها بطلة قصة «إيزيس» بوفاء جمع من النساء‬

                                                                       ‫اللاتي يعشن التجربة نفسها‪.‬‬
                                                     ‫وقد وجدت سمية في نصوص الأهرام التي وثقت‬
                                                      ‫إيزيس فيها للمرة الأولى فيما يعرف بالنصوص‬

                                                       ‫الجنائزية‪ ،‬جاء ذكرها كالزوجة المطيعة والأخت‬
                                                       ‫المحبة‪ ،‬وباعتبارها ابنة إله الأرض «جب» وإلهة‬
                                                      ‫السماء نوت‪ ،‬وباعتبارها المعبودة التي عبدت مع‬
                                                   ‫زوجها «أوزوريس» في جميع ربوع مصر‪ ،‬في بيوت‬
                                                    ‫الفلاحين البسطاء وقصور الأغنياء على حد سواء‪.‬‬
                                                   ‫وتسجل نصوص الأهرامات تلك السيرة التي تتجلى‬
                                                       ‫في الأمر الإلهي «انتحبي إيزيس‪ ..‬انتحبي لأجل‬

                                                                                ‫أخيك أوزوريس)»‪.‬‬
                                                   ‫وفي موقع آخر تخاطب النصوص أوزوريس قائلة‪:‬‬
                                                   ‫«إيزيس ستعتني بك‪ ،‬ستعتني بك بعد أن وجدت َك»‪..‬‬

                                                      ‫وهو أحد المقاطع المختارة التي تنهي به «سمية»‬
                                                          ‫قصة المرأة الوفية‪ ،‬وتؤمن الكاتبة (ديتراكي‬

                                                      ‫ريجولا) في كتابها «ألغاز إيزيس» أن إيزيس هي‬
                                                     ‫الأصل‪ ،‬من رحمها خرجت جميع النساء المقدسة‬

                                                                                            ‫الوفية‪.‬‬
                                                        ‫وفي حالة من تقريظ الوفاء تنهي سمية القصة‬
                                                    ‫بنص الصلاة الصباحية التي تستحضر به إيزيس‬
                                                   ‫كما كانت تستحضر من قبل عبدتها القدماء‪ ،‬وكأنها‬
                                                    ‫تستنهض همة النساء للإبقاء على هذه القداسة‪ ،‬أو‬
                                                    ‫كأنها تؤكد القداسة باعتبارها جذ ًرا في روح المرأة‬
                                                     ‫المصرية بالأصالة‪ ،‬الممدوحة بحكم انتمائها للقيمة‬

                                                                                        ‫ولإيزيس‪..‬‬
                                                      ‫«يا ابنة نوت وابنة جب وحبيبة أوزوريس‪ ،‬الكل‬

                                                                 ‫يمتدحك‪ ،‬أعشقك‪ ..‬يا سيدة إيزيس»‪.‬‬
                                                                                            ‫***‬

                                                       ‫وتبدو هنا تيمة الكورس أو الجوقة أو الصوت‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141