Page 138 - merit 53
P. 138
أحمد عبد المعطي حجازي صمت لا يطول المرأة فقط ،ولا
الموت نفسه والغياب ،وتعيد بناء الوجود ينال منها وحدها وإنما ينال من
الذي يحفظ توازنها ،ويؤكد أصالة القداسة
الرجل أي ًضا ،إذا ضاق حاله .فكم
الأنثوية.
الكرة الأرضية كلها يتضاءل كل ما فيها ،ولا يرى من متشرد لا يجد مأوى يجفل
منها إلا ذكرى تحفظ الوجود. المجتمع عن حاله غير عابئ به
* تقف سمية كاشفة في قصة «المحجر» أبعا ًدا من
وبمأساته ،يكتفي بالصمت أمام
الشقاء الذي تعانيه المرأة التي مات عنها زوجها
وترك أطفا ًل لا تقوى على رعايتهم ،إلا أنهم مشهده الرث وجرأته التي تدفعه
يضيعون وسط ذكورة مجتمع عمياء لا تستشعر لعداء لا يملك لتسديده إلى ذلك
قلب المرأة ورقة حال الأطفال التي أجبرتهم قسوة
المجتمع الصامت سوى أن يبول
الحياة على أن يكونوا عما ًل بما يقتل طفولتهم،
وليس بالطبع أشق من أن يكون العمل في محجر.. وأمثاله على هذا الزحام الذي
لا هو محجر ،ليس محج ًرا ،هو «المحجر» بألف بتعبير أحمد عبد المعطي حجازي
ولام ،الاستغراق الذي يأكل جميع الطبقات الدنيا
ممن يعيشون كفاف العيش ،يأكل الأب قت ًل ،ثم "هذا الزحام لا أحد".
الصديق ،والعم« ..المحجر يشبه قبر أبي المظلم»،
إنه المحجر القبر الذي يؤذن بأن يسع الجميع ممن لا يأتي إلا بعد انتحاب ،تأتي هذه القصة المبنية
لهم الظروف نفسها ،وليس أكثر محج ًرا من محجر بامتياز على قدرة الحدس الذي تراه «سمية» آية
المجتمع الذي يتغافل عن عمالة الأطفال وعن هذه
المرأة في الحياة ..إذ تتبع قلبها الصادق ،صدق
الطبقات المطحونة. وفائها للمعية حقيقة كانت أم طي ًفا.
* أين حقهم في الحياة والانطلاق ..ففي مقابل
حقيقة المحجر يقف حلم الحديقة ،فمن منا لم يحلم ولعله «الولي» يؤكد المعنى الفلسفي العميق أنه «لا
سعادة إلا بساعد».
-قميص أخضر:
جميعهن يمارسن البحث ،كل بنات أوزوريس
يمارسن هذا البحث انتشا ًرا في أرجاء الأرض لجمع
صورة الحبيب ،أو حف ًرا في الركام لانتشال جثثهم
وبعثهم مما لا عودة منه ،أو تصدي ًقا لحدس طا ٍغ
تتبعه حيث يحدث اللقاء ،أو ركو ًنا لجمع من تبقى
من ذكريات يستنشقن فيما يجدن منها أثر الحبيب
الذي نجا بموته وتركهن أموا ًتا يشبهن الأحياء.
بالانتحاب ذاته تستدعي بطلة «قميص أخضر»
زوجها الميت ،مستحضرة إياه عبر الشعور القادر
على إعادة الحضور لمن مروا وانفلتوا.
(بالحلم -بالشعور -بالحدس) تجد إيزيس مأمنًا
من مخاوفها في الفقد والضياع ..تحتال على