Page 139 - merit 53
P. 139

‫نون النسوة ‪1 3 7‬‬                                      ‫بقطف زهرة مؤك ًدا شيطنة صغيرة تزكي حلم‬
                                                    ‫المغامرة فيه‪ ،‬لكن حتى الأحلام الصغيرة تقهرها‬
  ‫المتلقي سانحة تأمل أناه واكتشاف ذاته‪ ،‬وهو‬       ‫قوة أكبر‪ ،‬وتنبح عليها كلاب مفزعة‪ /‬حلم الحديقة‬
   ‫ما يعيد مقولة جورج ماي «بأننا حين ننحني‬
  ‫على كتف نرسيس فإنما لنرى وجهنا لا وجهه‬              ‫هو حلم الحياة الخضراء البسيطة المزهرة‪ ،‬تلك‬
                                                  ‫التي حاصرها الواقع والخواء حتى صارت خيالات‬
                      ‫منعك ًسا على مرايا الماء»‪.‬‬
    ‫هكذا ترود «سمية» بمخيال المتلقي فراديس‬          ‫أحلامنا لا ترى إلا تصح ًرا ومنازل أسمنتية تحل‬
‫سردية مضمخة بنكهة الوجع الأنثوي في بعضه‬            ‫محل الحدائق في الواقع والخيال م ًعا‪ ،‬بما يقتل أي‬

                                        ‫الكلي‬                                     ‫شغف أو إبداع‪.‬‬
                                                     ‫أنقذوا أحلام الطفولة في بيئة بريئة بسيطة‪ ،‬هذه‬

                                                                                   ‫صرخة سمية‪.‬‬
                                                     ‫* مستعينة بتقنيات سينمائية تحدث ضر ًبا من‬
                                                    ‫التداخل بين القصة والسيناريو في قصة «مواء»‪،‬‬
                                                  ‫تفضح فيه بجرأة اعتدناها الرغبة الشاذة التي تموء‬
                                                    ‫داخل البعض من «الشواذ» (نهار خارجي‪ ،‬ونهار‬

                                                             ‫داخلي) نهاران يكشفان المكامن السرية‪.‬‬
                                                      ‫* فكما تلهج الأنثى في رحلة دائمة عن المفقود‬
                                                     ‫والغائب والحدس‪ ..‬إلى آخره‪ ،‬نراها تهرب أي ًضا‬
                                                  ‫وتولي فرا ًرا أمام انقلاب الأدوار‪ ،‬فهناك الآخر الذي‬
                                                   ‫لا يجدر البحث عنه أب ًدا‪ ،‬آخر ليس من نوع الآخر‪،‬‬
                                                       ‫بل الغير‪ ،‬وفرق بينهما كبير‪ ،‬فلا شك أن القط‬

                                                         ‫الشيرازي «غير» عن فصيل كلب البولدوج‪.‬‬
                                                  ‫* ربما ترثى على استحياء لهذا الرجل الأنثى الذي‬

                                                    ‫لا يملك إرادة رد مواء الرغبة الشاذة داخله وغير‬
                                                                                          ‫المبررة‪.‬‬

                                                                    ‫* المرأة الأرملة «الطاحونة»‪:‬‬
                                                      ‫الطاحونة لا تطحن سوى الضعفاء «ماذا لو‬
                                                     ‫كانت تحمل الأشرار لتعتصرهم‪ ،‬وتصنع من‬

                                                         ‫عظامهم القذرة دقي ًقا تقتاته الشياطين؟»‪.‬‬
                                                          ‫وتصنع مقارنة خفية بين مشاعر الطفل‬
                                                           ‫بالطاحونة وشعور الأم‪ ،‬تلك الطاحونة‬
                                                     ‫الحياتية التي ينتفض جسد الأمهات الفرادى‬

                                                                              ‫على وقع هديرها‪..‬‬
                                                    ‫كم من الطواحين والدوائر التي كنا في الصغر‬

                                                               ‫نعجب بها إلى أن اكتشفنا وطأتها‪.‬‬
                                                     ‫لقد أفلحت المجموعة عبر نماذجها المتميزة في‬

                                                       ‫أن تغدو مرايا سردية تمكن أفق التلقي من‬
                                                     ‫رصد ملامح «الأنا» الأنثوية وتفاصيل عالمها‬
                                                     ‫وزهوها‪ ،‬لتكون هذه المغامرة الإبداعية وذلك‬
                                                  ‫البوح المتقد مرايا نرسيسية جديدة تمنح مخيال‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144