Page 180 - merit 53
P. 180

‫قبضتكم!‬                                ‫العـدد ‪53‬‬                          ‫‪178‬‬
   ‫أليس منكم رجل رشيد يبلغكم‬
‫باننا أصبحنا في الحمام العمومي‬                                               ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬  ‫ونصف قد انقطع‪ .‬بالرغم من أن‬
 ‫للأمم وأن خروج هذا الشاب من‬                                                             ‫احتمالية حدوث ذلك كانت شبه‬
   ‫بيننا لن يقلل من هيبتنا كدولة‬    ‫نفسي‪ .‬وأنا أثق بها‪ .‬أثق بقدراتي‪.‬‬                      ‫معدومة‪ .‬لكنه حدث‪ .‬كل سنين‬
                                          ‫وأعرف أنني لو وضعت في‬                          ‫الانتظار وكل ليالي التحمل يبدو‬
             ‫للصيت ولا الغنى!‬
  ‫توقفوا عن هذا الهراء‪ ،‬واتركوه‬      ‫الجحيم سأخرج منه‪ .‬لا أستطيع‬                            ‫أنها ذهبت ُسدى‪ .‬أجد نفسي‬
                                     ‫الخوض في التفاصيل سأدع ذلك‬                         ‫الآن هنا أحدق في الفراغ‪ .‬يملؤني‬
                       ‫وشانه!‬       ‫للمستقبل‪ .‬الآن يتطلب الأمر وقتًا‬
 ‫اعتقوا رقابنا من ذنبنا الجماعي‬                                                             ‫الغضب والإحباط والرغبة في‬
                                       ‫ومجهو ًدا كبيرين للخروج من‬                        ‫الاختفاء بصورة ما والظهور في‬
                        ‫تجاهه!‬        ‫هذا المأزق‪ .‬لذا من اليوم سيبدأ‬                    ‫الناحية الأخرى من الكوكب لأبدأ‬
  ‫بربكم الرحمن الرحيم لا تثقلوا‬
   ‫كفوف ميزان ديننا له أكثر من‬                              ‫العمل»‪.‬‬                         ‫الحياة بد ًل من النجاة‪ .‬لكنني‬
                                      ‫بالله عليكم‪ ،‬ما هذا البؤس الذي‬                         ‫أعرف أن الأحلام لا تتحقق‬
                          ‫ذلك!‬                                                          ‫بالتمني‪ .‬وأعرف أن الحياة ليست‬
 ‫إذا كنتم ترون أن مصيره جهنم‬                      ‫نحن له وبه وفيه!‬                           ‫عادلة‪ .‬وأعرف أي ًضا أنني لا‬
                                       ‫شاب واحد تتكاتف كل القوى‬                             ‫أستسلم‪ .‬ما أنا فيه الآن يبدو‬
      ‫خال ًدا فيها‪ ،‬لا تحرقوه دنيا‬  ‫وتتوحد الصفوف لاغتياله معنو ًّيا‬                      ‫أنه مأزق لا يمكن الخروج منه‪.‬‬
                       ‫وآخرة!‬          ‫وربما بدنيًّا وهو يقف في وجه‬                     ‫لكني أشعر في نفس الوقت بشيء‬
                                       ‫التيار بمفرده مرفوع الهامة لا‬                     ‫من التفاؤل‪ .‬لا أعرف كيف وكل‬
‫قتلنا جمي ًعا والحمد لله ونحن على‬     ‫يخشى أح ًدا أو شيئًا ولا يراهن‬                       ‫الطرق مسدودة‪ ،‬لكن تعتريني‬
‫ذمة الحياة‪ ،‬لا تقتلونا مرة أخرى‬                                                              ‫ثقة‪ .‬ربما لأنني الآن لم أعد‬
                                          ‫سوى على نفسه التي حت ًما‬                      ‫أنتظر تأثيرات خارجية يمكنها أن‬
                  ‫بقتل أملنا به!‬                 ‫ستحقق المستحيل‪.‬‬                         ‫تغير واقعي‪ ..‬لم يتب َق شيء غير‬
                     ‫حلُّوا عنه!‬
                                         ‫أفلا تخجلون يا من تنعتونه‬
         ‫خُّلوا بينه وبين الحياة!‬          ‫بالمهرج الدمية والتافه من‬

                                        ‫أنفسكم‪ ،‬وأنتم تضيقون عليه‬
                                       ‫الخناق لكي لا ينفلت من تحت‬

                                                                                                              ‫هوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬منهج بريخت ببساطة يجعل الشخص كممثل لا يذوب في الشخصية‪ ،‬بل يصرح بها علنًا ويشركنا في‬
‫رؤيته عنها ورؤية العالم من خلالها‪ ،‬ومن أشهر أمثلة منهج بريخت لقطة عادل إمام مع محمود الجندي في‬
                                    ‫فيلم اللعب مع الكبار بقرب الهرم حينما نظر للكاميرا وأخذ يتلو‪:‬‬
                                                                                        ‫أنا الحارس الأمين بين يدي مولاه!‬
                                        ‫ذاته!‬                                           ‫قريبًا منه فانيًا في‬  ‫حستاهى ًرأا عضلفيهى‪،‬‬
                                    ‫وقسماته!‬                                            ‫على وجهي سماته‬
                                    ‫أنا صاحب فرعون‪ .‬بل إني أنا فرعون!‬
                                    ‫عبدني الناس منذ فجر التريخ واختلفت أسمائي لاختلاف العصور!‬
                                                                                        ‫ثم أكمل بمزيد من الجدية ا ُلرة‪:‬‬
‫أنا حسن بهنسي بهلول‪ ،‬أنا المسكين في هذا الزمان‪ ،‬أنا المحاط بالأوهام‪ ،‬أنا الذي إذا جاع نام‪ ،‬أنا المخدوع‬
                                    ‫بالكلام‪ ،‬أنا اتسرقت يا علي‪ ،‬اتسرقت يا علي‪ ،‬اتسررررقت!»‬
‫ومثال مشهده الأخير مع حسين فهمي حين نظر للكاميرا وأخذ يصرخ‪ :‬أنا ححلللللم‪ ،‬ححلللللم‪ ،‬ححللللللم‪.‬‬
‫ل‪2‬و‪-‬أنمهناهلجشخستاصنيةساللامُفم َثلسةكنيفلاسهُيانوسهيوالممتنفرينج أسنهى أينهشايهؤددعيرع ًرضا ًتضام‪،‬ثيلويًّيا‪،‬عدكذملشكهالدماملثفلناينذومبحمتدما ًمساعفديوالهدوويرؤكدماي‬
‫عحلوىا ًرهاذاعاللىمنلهسجا‪.‬ن كاسيوس معاون بروتس متوج ًها إليه بتحريض على قتل يوليوس قيصر من أفضل الأمثلة‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185