Page 184 - merit 53
P. 184

‫العـدد ‪53‬‬                     ‫‪182‬‬

                               ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬              ‫وتطوير الشخصيات الفردية‪،‬‬
                                                           ‫حيث يستحضر الشاعر‬
   ‫فقط‪ ،‬فلم يثقل شخصياته‬                ‫كان الهدف‬          ‫أمامنا شخصية بشرية‬
‫بالنظريات‪ ،‬بل خلق مثل هذه‬       ‫الرئيسي لشكسبير‬
 ‫الشخصيات وهو على دراية‬                               ‫ويكشف أفكارها ومشاعرها‪.‬‬
 ‫كاملة بالمسرح‪ ،‬ومكنته هذه‬                ‫هو تحديد‬    ‫هذا التطور في الفن الذي بلغ‬
                               ‫الشخصيات الفردية‪،‬‬       ‫ذروته عند شكسبير تحدده‬
   ‫المعرفة العملية من تطوير‬
      ‫تصرفاته بطريقة تثير‬          ‫وكان بعي ًدا عن‬      ‫المرحلة السابقة من التطور‬
                                        ‫تقديم فكرة‬         ‫الثقافي في فترة النهضة‪،‬‬
   ‫إعجاب الجمهور في العالم‬
 ‫بأسره‪ ،‬لا توجد مسرحيات‬          ‫أخلاقية لجمهوره‬        ‫نتيجة للتقدير الكبير للفرد‬
                                 ‫على سبيل المثال‪،‬‬               ‫خلال تلك الحقبة‪.‬‬
    ‫تم تصورها بالكامل من‬
     ‫وجهة نظر الممثل‪ .‬وهذا‬              ‫فكرة الذنب‬      ‫تثبت حقيقة انتشار شهرة‬
   ‫دليل واضح على أن الممثل‬           ‫المأساوي‪ ،‬كما‬      ‫شكسبير بهذه السرعة أنه‬
 ‫شكسبير يتمتع بميزة كتابة‬            ‫هو موجود في‬
                               ‫مسرحيات فريدرش‬             ‫وجد جمهو ًرا مهت ًّما ج ًّدا‬
           ‫هذه المسرحيات‪.‬‬         ‫شيلر‪ ،‬الذي اعتقد‬         ‫بالمسرح‪ ،‬أي فهم تمثيل‬
 ‫ولد شكسبير في ستراتفورد‬          ‫أنه يجب عليه أن‬
                                 ‫يثقل كاهل بطله‬              ‫الشخصية كما قدمها‬
    ‫عام ‪ ،1564‬كانت ظروف‬          ‫بها من أجل تبرير‬            ‫شكسبير‪ .‬كان الهدف‬
      ‫والده جيدة إلى حد ما‪،‬‬    ‫الكارثة‪ ،‬لا توجد في‬         ‫الرئيسي لشكسبير هو‬
        ‫بحيث تمكن ابنه من‬      ‫مسرحيات شكسبير‪.‬‬         ‫تحديد الشخصيات الفردية‪،‬‬
                                ‫إنه يسمح للأحداث‬       ‫وكان بعي ًدا عن تقديم فكرة‬
  ‫الالتحاق بالمدرسة النحوية‬        ‫أن تأخذ مجراها‬           ‫أخلاقية لجمهوره على‬
   ‫في بلدته الأم‪ ،‬هناك العديد‬                             ‫سبيل المثال‪ ،‬فكرة الذنب‬
   ‫من الأساطير حول شباب‬                    ‫باستمرار‪.‬‬  ‫المأساوي‪ ،‬كما هو موجود في‬
  ‫شكسبير‪ ،‬يقول البعض إنه‬                               ‫مسرحيات فريدرش شيلر‪،‬‬
                                       ‫رودولف شتاينر‬     ‫الذي اعتقد أنه يجب عليه‬
     ‫كان صيا ًدا وعاش حياة‬                              ‫أن يثقل كاهل بطله بها من‬
  ‫مليئة بالمغامرات‪ ،‬تم تقديم‬                           ‫أجل تبرير الكارثة‪ ،‬لا توجد‬
   ‫هذه الحقائق على أنها أدلة‬                           ‫في مسرحيات شكسبير‪ .‬إنه‬
   ‫بأنه لم يؤلف أعماله‪ ،‬لكن‬                             ‫–ببساطة‪ -‬يسمح للأحداث‬
‫هذه التجارب بالذات لا يمكن‬                             ‫أن تأخذ مجراها باستمرار‪،‬‬
 ‫إلا أن تثري خياله الدرامي‪،‬‬                             ‫دون أن تتأثر بفكرة الذنب‬
   ‫حتى حقيقة أنه على الرغم‬                               ‫والتكفير في أي من أعماله‬

     ‫من تعليمه الجيد لكن لم‬                                             ‫الدرامية‪.‬‬
     ‫يكن مثق ًل بتعلم الكتب‪،‬‬                          ‫لم يكن شكسبير أي ًضا ينوي‬
  ‫فهذا منحه إمكانية مواجهة‬
‫الأشياء بحرية أكبر وبطريقة‬                                ‫تقديم أفكار من أي نوع‪،‬‬
  ‫غير متحيزة‪ ،‬تشرح طبيعة‬                                  ‫ولم يكن يرغب في إظهار‬
 ‫المغامرة لدى الشاعر إلى حد‬                             ‫الغيرة في عطيل أو الطموح‬
 ‫ما بع ًضا من أعظم الصفات‬                                 ‫في ماكبث‪ ،‬ولكن ببساطة‬
       ‫في مسرحياته‪ :‬الرحلة‬                               ‫رسم الشخصيات المحددة‬
   ‫الجريئة لخياله‪ ،‬وتغيراته‬                              ‫لعطيل‪ ،‬ماكبث‪ ،‬أو هاملت‬
   ‫المفاجئة في العمل‪ ،‬وشغفه‬
‫وجرأته‪ ،‬كلها تشهد على حياة‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189