Page 211 - merit 53
P. 211

‫‪209‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫جريجوري بيرلمان‬                   ‫بارني روني‬                    ‫رئيس الفيفا زاخ ًرا بالحجج‪،‬‬
                                                                    ‫وهذا طبيعي وف ًقا لأنماط‬
  ‫‪criticize anyone. Don’t‬‬         ‫العرب) وهو من أبناء العمال‬
 ‫‪« .criticize Qatar‬تستطيع‬         ‫المهاجرين (فقضيتهم قضيته‪،‬‬     ‫النصوص (‪ )text types‬فهو‬
 ‫أن تصلبني‪ ،‬أنا هنا من أجل‬                                      ‫ليس خطا ًبا واص ًفا للملاعب‬
  ‫هذا‪ .‬لا تنتقد أح ًدا‪ .‬لا تنتقد‬       ‫ولن يرى ظل ًما يصيبهم‬     ‫المونديال‪ ،‬ولا خطا ًبا سرد ًّيا‬
 ‫قطر»‪ ،‬فوصفه بارني روني‬                ‫ويسكت)‪ .‬واستطاع من‬
  ‫في صحيفة الجارديان بأنه‬           ‫جانب آخر أن يبرز صفاته‬         ‫يحكي تاريخ بطولة‪ ،‬وإنما‬
 ‫مسيح كرة القدم ‪Football‬‬          ‫التي تحقق الإقناع الأرسطي‬     ‫هو خطاب حجاجي في ذاته‪،‬‬
                                   ‫في شخص المتكلم (‪)ethos‬؛‬      ‫يبني الحجج ويقوضها‪ ،‬فهي‬
    ‫‪ Jesus‬غام ًزا بكلامه إلى‬          ‫فهو المتخصص في المجال‬
    ‫الخطيئة والمماثلة قيا ًسا‪.‬‬    ‫الكروي الخبير فيه والمسؤول‬        ‫مادته الأساسية وليست‬
    ‫افتتح صحفي الجارديان‬            ‫فنيًّا‪ ،‬وهو الصادق الشجاع‬    ‫عارضة فيه‪ .‬أشير في القسم‬
   ‫مقاله بنقد هذا المشهد على‬
‫الرغم من أن المشهد من آخر‬                ‫المستعد ليتحمل النقد‬         ‫التالي إلى أبرز التقنيات‬
    ‫خطبة إنفانتينو؛ ببساطة‬           ‫والمساءلة بل الهجوم‪ .‬ولا‬       ‫الحجاجية التي وردت في‬
  ‫لأنه الحجة القوية لديه‪ ،‬ثم‬        ‫شك أن تلك الصورة كانت‬         ‫خطاب إنفانتينو من منظور‬
    ‫ذكر بعدها «حجة فصل»‬            ‫جديرة بتحقيق الإقناع‪ ،‬لكن‬    ‫أرسطو‪ ،‬ومن منظور بيرلمان‬
  ‫واص ًفا كلام إنفانتينو بأنه‬        ‫المبالغة القولية والجسدية‬
 ‫من أنصاف الحقائق «‪half-‬‬            ‫في موضع واحد من خطابه‬             ‫وتيتيكاه معتم ًدا بشكل‬
‫‪ »truths‬دون أن يشفع روني‬                                             ‫أساسي على دراسة عبد‬
     ‫اتهامه بدليل فيه نصف‬              ‫جعلته مرمى للسخرية‪،‬‬         ‫الله صولة «الحجاج أطره‬
    ‫الحقيقة الآخر‪ ،‬ثم انحدر‬         ‫فقد وقف من كرسيه وفتح‬
   ‫الصحفي في الفقرة الثالثة‬          ‫ذراعيه وأمال رأسه وقال‪:‬‬           ‫ومنطلقاته وتقنياته»‪.‬‬
                                     ‫“‪You can crucify me.‬‬
                                   ‫‪I’m here for that. Don’t‬‬        ‫حضور الخطيب‬

                                                                      ‫يستطيع المحلل لخطاب‬
                                                                  ‫إنفانتينو أن يتوقف طوي ًل‬
                                                                  ‫عند قدراته الخطابية ونبرة‬
                                                                    ‫صوته وتنغيمه ووقفاته‪،‬‬
                                                                   ‫والحضور والثقة ورباطة‬
                                                                 ‫الجأش‪ ،‬ولغة جسده وأدائه‬

                                                                      ‫المتميز المقنع‪ ،‬لكن أبرز‬
                                                                     ‫ما يلتفت الانتباه هو أن‬
                                                                     ‫إنفانتينو قد وظف ذاته‬
                                                                ‫توظي ًفا واس ًعا‪ ،‬فافتتح كلامه‬
                                                                 ‫بضمير المتكلم وبسرد قصة‬
                                                                 ‫حياته من طفولته وتعرضه‬
                                                                      ‫للتنمر والتمييز‪ ،‬وجعل‬
                                                                      ‫ُهويته جز ًءا أصي ًل من‬
                                                                   ‫حججه‪ ،‬فهو أوروبي (أي‬
                                                                 ‫من بني جلدة من يهاجمون‬
                                                                 ‫وليس عربيًّا يدافع عن قطر‬
                                                                 ‫وإن كان متعاط ًفا معها ومع‬
   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215   216